للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصدر للصدر؛ ولكنك مخذول في الحب، ولكنك مخذول

وقال لي فيما قال: وأنت أيها الخائب؟ أما علمت أن أناملها الرخيصة هي أناملها، لا أعوادك من الحديد؟ فكيف شددت عليها ويحك من تلك الشدة التي أخرجت لك وجه المصارع؟ ولكنك خائب في الحب، ولكنك خائب.

قلت: فهذه قضية بيني وبينك أيها القلب العدو؛ لقد تركتني من الهموم كالشجرة المنخرية قد بليت وصارت فيها التخاريب فلا حياتها بالحياة ولا موتها بالموت، وكم علقتني بفاتنة بعد فاتنة لا عنها إقصار ينتهي ولا فيها مطمع يبتدئ؛ ما أنت إلا وحش اكبر لذته لطع الدم

واستدار الحلم فلم البث أن رأيتني في محكمة الجنايات، وكأني شكوت قلبها إليها فهو جالس في القفص الحديدي بين المجرمين ينتظر ما ينتظرون من الفصل في أمرهم؛ وقد ارتفع المستشارون الثلاثة إلى منصة الحكم وجلس النائب العام في مجلسه يتولى إقامة الدعوى وبين يديه أوراقه ينظر فيها، ورأيت منها غلافاً كتب على ظاهره: قضية القلب المسكين.

وتكلم رئيس المحكمة أو من تكلم فقال: ليس في قضية القلب محام، فابغوه من يدافع عنه؛ ثم التفت إليه وقال: من عسى تختار الدفاع عنك؟

قال القلب: أو هنا موضع للاختيار يا حضرة الرئيس؟ ليس تحت هذه - وأومأ إلى السماء - ولا فوق هذه - وأومأ إلى الأرض - إلا. .

فبدر النائب العام وقال: إلا الحبيبة. أكذلك. غير أنها أستاذة في الرقص لا في القانون

- القلب: ولكنني لا اختار غيرها محكوماً لي أو محكوماً علي. أنا أريد أن انظر فيها وانظروا انتم في القضية. . .

- الرئيس: فليكن؛ فهذه جريمة عواطف ائذن لها أيها الآذن

فنادى المحضر: الأستاذة. الأستاذة

وجاءت مبادرة، ودخلت تمشي مشيتها وقد افتر ثغرها عن النور الذي يسطع في النفس؛ وأومضت بوجهها يميناً وشمالاً فصرف الناس جميعاً أبصارهم إليها وقد نظروا إلى فتنة من الفتن، وثارت في كل قلب نزهة، وغلبت الحقيقة البشرية فانتفضت طباع الموجودين في قاعة الجلسة، وابطل قانون جمالها قانون المحكمة، فوقعت الضجة وعلت الأصوات

<<  <  ج:
ص:  >  >>