واختلطت؛ وترددت بين جدران المكان صدى في صدى كان الجدران تتكلم مع المتكلمين
أصوات أصوات: سبحان الله! سبحان الله! تبارك الله، تبارك الله، آه آه؛ آه آه؛ وسمع صوت يقول: اتهموني أنا أيضاً. . . فنفرت الكلمات وأنا وأنا وانا. واختفت المحكمة وانبعث المسرح بدخول فاتنته الراقصة؛ وكان المستشارون والنائب العام في أعين الناس كأنهم صور معلقة على الحائط لا يخشاها أحد أن تنظر إلى ما يصنع
فصاح الرئيس: هنا المحكمة! هنا المحكمة! سبحان الله. . . المحكمة المحكمة
- النائب العام: هذا بدء لا ترضاه النيابة ولا تقبل أن تنسحب عليه. نعم أن هذا الوجه الجميل ابرع محام في هذه القضية، ونعم أن جسمها. . . آه ماذا؟ إنكم تأتون بالشهوة الغالبة القاهرة لتدافع عن المشتهي. . . عن المتهم. هذا وضع كوضع العذر إلى جانب الذنب. وكأنكم يا حضرات المستشارين. .
- فبدرت المحامية تقول في نغمة دلال وفتور: وكأنكم يا حضرات المستشارين قد نسيتم أن النائب العام له قلب أيضاً. . .
واشتد ذلك على النائب وتبين في وجهه، فقال: يا حضرة الرئيس
- الرئيس مبتسما: واحدة بواحدة، أرجو إلا تكون لها ثانية، ومعنى هذا كما هو ظاهر إلا تكون لها ثالثة. . .
(ضحك)
قال صاحبي المسكين: وكنت بلا قلب. . . فلم التفت للجمال، بل راعني ذكاء المحامية ونفاذها وحسن اهتدائها إلى الحجة في أول ضرباتها، وتعجبت من ذلك اشد التعجب، أيقنت أن النائب العام سيقع في لسانها كما يقع مثله في لسان المحامي القدير، ولكن كما يقع زوج في لسان زوجة معشوقة متدللة تجادله بحجج كثيرة بعضها الكلام. . . وقلت في نفسي:
يا رحمة الله لا تجعلي من النساء الجميلات الفاتنات محاميات في هذه المحاكم، فلو ألبسوهن لحى مستعارة لكان الصوت الرخيم وحده من تلك الأفواه الجميلة العذبة نداءا قانونياً للقبلات. . .
ونهضت المحامية العجيبة فسلطت عينيها الساحرتين على النائب، ثم قالت تخاطب المحكمة: قبل النظر في هذه القضية قضية الحب والجمال، قضية قلبي المسكين. . . أريد