للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى مطاردة الذميين، وقبض على الوزراء والكتاب من النصارى واليهود؛ ولكنه عاد فأفرج عنهم بعد أن اتخذ بعض الضمانات التي تكفل الحد من طغيانهم وإسرافهم في سياسة الاصطفاء

وتجمع الروايات المعاصرة على أن جنوح العزيز إلى هذا الإسراف في التسامح نحو الذميين يرجع من وجوه كثيرة إلى نفوذ زوجه أو سريته النصرانية، وابنته منها الأميرة ست الملك؛ وكانت فتاة عاقلة حازمة يحبها والدها العزيز ويستمع إلى نصحها، في كثير من الأمور؛ وأخيرا إلى نفوذ صهريه أخوي زوجه، وهما حبران كبيران تبوأ في عصر العزيز أرفع المناصب الكنسية

وهذه القصة: أعنى قصة زواج العزيز من سيدة نصرانية، قصة يمازجها شيء من الغموض والاضطراب، وتنفرد بتفاصيلها الرواية النصرانية، ولا تكاد تشير إليها الرواية الإسلامية؛ وتقول لنا الرواية أن هذه السيدة زوج العزيز أو سريته، كانت جارية رومية نصرانية من طائفة الملكية، وكان لها أيام العزيز نفوذ كبير في الدولة؛ وكان لها أخوان هما ارسانيوس أو (أرساني) وأريسطيس، رفعهما العزيز بتدخله ونفوذه إلى ذرى المناصب الكنسية، فعين أريسطيس بطريركا للملكية ببيت المقدس (سنة ٣٧٥هـ) وعين أرسانيوس في نفس العام مطرانا للقاهرة، ثم عين بعد ذلك بطريركا للملكية بالإسكندرية (سنة ٣٩٠هـ) وكان لهذين الحبرين بلا ريب نفوذهما في بلاط يرتبط معها بأواصر المصاهرة، وفيه أختهما (زوج الخليفة) وابنته منها الأميرة العاقلة المحبوبة ست الملك؛ وكانت عند وفاة والدها العزيز في نحو السادسة والعشرين من عمرها؛ وقد حملت رسالته في التسامح بعد ذلك في فرص كثيرة، ولاسيما بعد مصرع أخيها الحاكم بأمر الله سنة ٤١١هـ

وتذهب الرواية الكنيسة إلى أبعد من ذلك، فتقول لنا أن هذه السيدة النصرانية هي أم الخليفة الحاكم بأمر الله ولد العزيز، وتنفرد بهذا القول الرواية القبطية المعاصرة، وتقول لنا بالنص ما يأتي: (وكان الملك العزيز بالله بن المعز لدين الله قد رزق ولدا من سرية له رومية وجلس في الملك من بعده، ولقب بالحاكم بأمر الله؛ وكان للسرية المذكورة التي هي أم الحاكم أخ اسمه أرساني فجعلتها بعنايتها بطرك الملكية. . .) ولكن الرواية النصرانية تنقل إلينا في غير موطن أن هذه السيدة هي أم ست الملك ابنة العزيز دون الإشارة إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>