للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أعيروني أسماعكم لأخاطبكم عن موت الشعوب: - ليست الحكومة إلا ابرد مسخ بين المسوخ الباردة، فهي تكذب بكل رصانة إذا تقول: (أنا الحكومة، أنا الشعب)

إياكم وتصديق ما تقول؛ فما كون الشعوب إلا المبدعون الذين نشروا الأيمان والمحبة؛ فأتوا بأجل خدمة للحياة. وما الناصبون الإشراك للجموع الغفيرة ألا من يهدمون كيانها ليشيدوا الحكومات على أنقاضها، ويعلقوا نصلا قاطعا فوق راس الشعب، وينصبوا مئات الشهوات أمام عينه

إن الشعب، حيث بقى له مرتع على الأرض، لا يفهم ما هي الحكومة، بل هو ينفر منها كما ينفر من العين الساحرة، ويراها شذوذا هادما للشرائع والتقاليد. وإليكم هذا الدليل: أن لكل شعب بيانه عن الخير والشر؛ وجيرة هذا الشعب لا تفهم هذا البيان الذي أوجده لنفسه محددا به شرائعه وتقاليده، على حين أن الحكومة تكذب في جميع تعابيرها عن الخير والشر، فليس ما تقوله إلا كذبا، وليس ما تملكه إلا نتاج سرقتها واختلاسها

أن كل ما للحكومة مزيف، فهي تنهش بأسنان مستعارة، وأحشاؤها مختلقة اختلاقا؛ وما شعارها إلا (البيان المبهم المشوش عن الخير والشر) فهي تتجه به نحو الفناء، وتقوم بنشره بدعوة صريحة للمنذرين بالموت

أن عدد من يدخلون الدنيا قد تجاوز الحد، وما أوجدت الحكومة إلا لخدمة الفضوليين الدخلاء على الحياة. انظروا إلى هذه الحكومة كيف تجتذب إليها فتضمهم إلى صدرها وتشبعهم عناقا وتقبيلا. اسمعوها تهدر قائلة:

- ليس اعظم مني على وجه الغبراء، فأنا يد الألوهية المنظمة

وعندما تهتف هذا الهتاف، تتهاوى الركاب جاثية، وبين الراكعين كثير من غير طوال الآذان وقصار النظر

أن هذه الأكاذيب تجد مصدقين لها وا أسفاه حتى بينكم انتم، يا من تجول فيكم النفوس الأبية، لان الحكومة تعرف أن تدغدغ قلوبكم الطافحة بالمكارم، الطامحة إلى الجود، إنها لتخترق سرائركم، انتم أيضاً، يا من تغلبتم على الألوهية القديمة، فهي تعرف إنكم تعبتم من الكفاح فتستخدم ملالكم لعبادة الصنم الجديد

انه لصنم يتمنى أن يحيط به الأبطال وفضلاء الرجال؛ انه لمسخ بارد يريد أن يدفأ بشمس

<<  <  ج:
ص:  >  >>