من قطاع الطرق الذين أرادوا به وبأصدقائه شرا، ولكن جويا بمساعدة رفاقه استطاع مطاردتهم وقتل ثلاثة منهم!
ولم يترك الفرصة تسنح للقبض عليه ففر هاربا إلى مدريد. ظهر في العاصمة كفنان بسيط، ولم ير سبيلا إلى العيش لأنه لم يكن يعرف أحداً فيها. كان دائب البحث عن أي عمل ولكنه كان يعود مساء كل يوم كسير القلب إلى الملجأ الذي أقام فيه
وفي صباح يوم وجد المسكين في إحدى الأزقة الضيقة وقد اعتدي عليه بالسكاكين فأخذه أولئك الذين كان يقيم معهم وعنوا به حتى شفي من جراحه
علم البوليس انه من العاطلين المدمنين على الخمر فطارده إلى خارج العاصمة، فذهب إلى حلبة مصارعة الثيران واستطاع أن يجد عملا حقيرا نظير اجر بسيط ادخر معظمه حتى تمكن به من الوصول إلى إحدى موانئ أسبانيا الجنوبية حيث أبحر إلى شاطئ إيطاليا الغربي. وصل إلى روما وهناك أمكنه العمل عند فنان شعبي راجت حاله
وعند هذا الفنان تعرف إلى أناس لا يميلون بطبعهم إلى العلم ولا إلى المتعلمين وإنما هم من أولئك الذين تجتذبهم حياة الشوارع وما فيها من وسائل لقتل الوقت
ومال بطبيعته وبحسب استعداده وبعامل البيئة التي عاش فيها إلى تصوير مناظر الأزقة والحارات والقهوات على نقيض الفنانين الآخرين الذين كانوا كثيرا ما يتحاشون إظهار هذه المواقف على لوحاتهم
وهذه نزعة لم يسبق أحد إليها خصوصا وانه اكثر من تصوير الوجوه الثائرة والمناظر الشاذة المتصلة بحياة الجمهور والغوغاء مباشرة، حتى لترى هذه المسحة على معظم لوحاته التي تعد بحق خير مسجل لشخصية مصور من انبغ فناني القرن التاسع عشر
صعد يوما إلى قبة كنيسة بطرس ليحفر الأحرف الأولى من إسمه، ولا تزال محفورة إلى اليوم. وهكذا كانت أقامته في روما غريبة الأطوار. وقد تعرف فيها بسفير روسيا الذي طلب إليه السفر إلى بطرسبرج ليكون مصورا للقصر. وفي أثناء المفاوضة في هذا الشأن قبض عليه بتهمة تحريض إحدى الراهبات على عمل غير شريف. ولولا اتصاله الوثيق بسفير روسيا لما استطاع الإفلات من يد العدالة
كان جويا تعسا في غربته، وكان دائم الحنين إلى بلدته، ورأى في إقامته الطويلة بروما