تكفيرا كافيا لسابق جرائمه، فعاد إلى مدريد سنة ١٧٧٥ وتزوج من يوزيفينا بايو شقيقة الفنان فرانسسكو بايو الذي كان مصورا في قصر مدريد والذي بوساطته استطاع جويا أن يقوم بعمل تصميمات لمناظر وزخارف الأقمشة التي كانت تغطى بها حوائط القصر. وأول تصميم له نسج على قماش لهذه الغاية سنة ١٧٧٦، واستمر حاله هكذا حتى سنة ١٧٩١، وتدرج في التقرب من سادة القصر وتقدم في فنه تقدما عظيما حتى اصبح ابرز فناني عصره في أسبانيا، وعمل لوحات مثلت الحياة على الصورة التي تغلغلت في نفسه كما صور اكبر الشخصيات
كان جويا فنانا بكل معاني الكلمة، كما كان بوهيميا في علاقته الزوجية، ولم يخل تاريخ حياته من فضائح أهمها اتصاله بأميرة ألبا التي عشقها عشقا تملك عليه مشاعره فصورها على لوحات تجل عن الحصر في مواقف مختلفة، وكان يعيش في جناح من قصرها. أما هي فكانت تتوجه من حين لأخر إلى زوجته وأولاده وتقدم إليهم العطايا والهدايا
ولم تكن الملكة راضية عن هذه العلاقة؛ فعملت ترتيبا أخرجت به الأميرة من القصر إلى جهة نائية. سافر جويا بصحبة معشوقته في عربة خاصة كسرت عجلتها في الطريق الوعر، فقام بعمل الإصلاح اللازم كما لو كان حدادا ماهرا، وأمكن السير بالعربة إلى اقرب قرية لتغيير العجلة. تعرض جويا بعد هذا المجهود للهواء البارد فأصيب بصمم في إحدى أذنيه لازمه حتى أخر حياته
مضت الأعوام وعادت الأميرة إلى مدريد وماتت بعد وصولها. وعاد هو لتصوير مناظر دلت على منتهى الحنق والحقد على النساء، كما دلت على كثير مما خالج نفسه من البؤس والشقاء
زحف الفرنسيون على مدريد فقابلهم جويا بكل ترحيب وانضم إليهم بقلب مطمئن، وبعد خروجهم منها وجهت إليه تهمة الانضمام للعدو؛ إلا انه تمتع بالعفو لكبر سنه
بدأ الهدوء يدب إلى نفسه، واستمر يصور لوحاته، واكمل مجموعته بالقلم الرصاص حتى بلغ السابعة والسبعين، ثم رحل إلى بوردو عملا بمشورة طبيبه، ولم يترك التصوير مع ضعف بصره، بل كان يستعين بالمجهر. وآخر لوحة له صورها في سن الحادية والثمانين، ومات بعدئذ بسنة واحدة سنة ١٨٢٨