الجديدة لمصالحها الخاصة، وأنها تحوم حول مراكش الأسبانية وجزر الكناري، كما أن إيطاليا كانت تحوم حول جزر البليار، ولكن إيطاليا انتهت إلى إدراك الحقائق الواقعة وآثرت أن تتفاهم مع إنكلترا، وأخذت في الواقع تخفف من تدخلها في المسالة الأسبانية وإن كانت في الظاهر تبدو مؤيدة لخطة ألمانيا. أما ألمانيا فقد اندفعت في خطتها إلى هذا المدى الذي يثير اليوم أزمة في منتهى الدقة والخطورة. وفرنسا لا تجهل البواعث التي تدفع ألمانيا إلى مثل هذه المغامرة، وهي تدرك تمام الإدراك أن من ورائها المسألة الاستعمارية برمتها؛ ولكنها على ما يفهم من تعليقات صحفها لا تنوي أن تنزل في هذا الموطن على وعيد ألمانيا ورغباتها؛ وكل ما هنالك أنها لا تأبى أن تبحث المسألة الاستعمارية على ضوء جديد، وأنها لا ترى مانعاً من تحقيق بعض رغبات ألمانيا في هذا السبيل إذا كانت ألمانيا تتعهد من جانبها بان تقف عند هذا الحد من تحقيق مطامعها، وأن تعود إلى حظيرة الدول الغربية لتعمل معها على تأييد السلام الأوربي؛ ويقتضي ذلك أن تخفف ألمانيا من حدتها العسكرية، وأن تعمل مع الدول الأخرى على تخفيض سلاحها؛ أما إذا كان قصد ألمانيا من الاستيلاء على المستعمرات هو بالعكس استثمارها لتوسيع مشاريعها العسكرية، فأن فرنسا تعارض كل المعارضة في استيلاء ألمانيا على شبر من الأرض يعاونها على تحقيق هذه الغاية. هذه النظرية الفرنسية كما تعرضها الصحف الفرنسية؛ أما إنكلترا فلم يتضح موقفها بعد في هذه المسألة تماماً، وإن كان ساستها المسؤولون قد أكدوا غير مرة إنها لن تنزل عن شيء من مستعمراتها
ومن المحقق أن تطور هذه الأزمة الجديدة يتوقف إلى حد كبير على تطور الحوادث الأسبانية ذاتها، وعلى نتائج المعارك التي تضطرم حول مدريد؛ فإذا كتب الفوز للثوار، فأن ألمانيا تزداد إصرار في سياستها ومشاريعها؛ وإذا كان الأمر بالعكس، فمن المحقق أن هذه المغامرة ألمانية تنهار في مهدها
وسنرى من جهة أخرى ماذا تستطيع الجهود السياسية أن تحقق في هذا السبيل