للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المتتابعة!. هاهي ذي أوربا بعظمتها وجيوشها الجرارة كاملة العدة هائلة العدد (كان جيش الصليبيين حوالي تسعين ألفاً) وعلى رأسها ملك من أعظم ملوك أوربا: لويس التاسع ملك فرنسا. . .

التحم الجيشان وبدأ الصراع الهائل: التقى صراع بين عدو مغير وبين أبطال يدفعون عن حمى الدين والوطن. وقد نفذ فيهم المليك الشاب من روح الشباب وعزيمته، فاندفعوا كالليوث يفتكون بالأعداء؛ ولما اشتد الضغط على العدو والتفت حوله ليكشف مكاناً للهرب، فما هاله إلا الماء قد حاصره من الخلف، إذ كانت الأوامر قد صدرت بفتح جسور النيل فتدفقت مياه الفيضان من وراء الأعداء كالسيول الجارفة. . نظر العدو فإذا البحر قد حصره من الخلف والجيش الباسل قد أطبق عليه يرمي عن قلوب تشتعل حمية وحماسة للوطن والدين، وينظر الملك لويس والحسرة تنهش قلبه فيرى أشلاء جيشه تتطاير تحت مطارق الأذرع الحديدية من جنود مصر. هاهم أولاء جنوده يتساقطون في الميدان حوله جماعات كالفراش. ومن طلب الفرار من شفرات السيوف ابتلعه اليم. . .

وإذا بفرقة من الجيش المنتصر تتقدم نحو الملك (لويس). . . هاهم أولاء بعض الأمراء والفرسان المحيطين به يناجزونها مناجزة اليائس المستميت مدافعين عن مليكهم. ولكن ماذا تجدي شجاعة بضعة أفراد أمام جيش كله أبطال؟! فما هي إلا جولة أو بضع جولات حتى كان الملك ومن بقي معه من الأمراء جميعاً في الأسر!! وإذا بالجيش العرمرم قد انهار كما ينهار البناء الشامخ!!. . .

انجلت المعركة عن فناء العدو وقد بلغ عدد قتلاه ثلاثين ألفاً خلاف الاسرى، وكتبت آيات النصر بمداد غزير من الدماء. هاهو ذا الملك المعظم توران شاه يعود إلى المدينة تجلله أكاليل النصر والفخار، ويسوق وراءه في السلاسل والأغلال ملك فرنسا وأمراءها. الكونت دنجواي، والكونت داراتوار، والكونت دوبواتييه!؟ والكونت دوبواتييه!؟ يا لروعة الذكرى التي يعيدها إلى الأذهان أسم هذا الكونت!! ويا لسخرية القدر الذي ساقه ليشهد بعيني رأسه كيف تثأر مصر لشهداء بواتييه (بلاط الشهداء سنة ٧٣٢م) بعد خمسة قرون في معركة تكسو فرنسا عارا يطغى على بريق بواتييه ويسجل في تاريخ فرنسا بل في تاريخ أوربا كلها جبروت مصر وعظمة الشرق. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>