للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يبحثونها! ثم يقول: انه تجب العودة إلى كوندياك وهو ذهن لا نظير له في الاستنارة والدقة، وقد وهب كل المسائل العظيمة أجوبة ثارت عليها التقاليد الكلامية المبعوثة، ونظريات ما وراء الطبيعة الألمانية في فرنسا في بدء القرن التاسع عشر! بيد أنها سوف تعود بالرغم من كل هذا، ويعود (تين) بدوره قدوة في استئنافها والتمسك بها.

وكما أن تين كان تلميذاً لكوندياك كان كذلك تلميذاً لأسبينوزا وهيجل فقد شعر مثل (جيته) بسمو الفكرة الاسبينوزية، ورأى أن مفكراً لا يستحق أن يسمى بالفيلسوف ما لم تطبع نظريته الخاصة بطابعها. واسبينوزا هو الذي أوحى إليه باعتبار الوجهين: الوجه الطبيعي، والوجه الخلقي، صورتين لحقيقة جوهرية واحدة، وقال تين عن هيجل متحمساً: (ليس بين جميع الفلاسفة من سما إلى ما سما إليه (هيجل) أو من تدنو عبقريته من ذلك الصرح الشامخ! فهو مزيج من اسبينوزا وارسطو). وقد اتسع مدى عمل (تين) الفلسفي والتاريخي بالاستناد إليه.

يقول (تين) عن الفلسفة الإنجليزية أنها قد انتهت إلى اعتبار الطبيعة اجتماعا للوقائع، أما الفلسفة الألمانية فترى فيها مجموعة من القوانين، فإذا كان ثمة مكان بين الأمتين فهو مكاننا نحن معشر الفرنسيين! لقد وسعنا الآراء الإنجليزية في القرن الثامن عشر، واستطعنا في القرن التاسع عشر أن نضبط الآراء الألمانية، ومهمتنا الآن هي تهذيب الذهنين أحدهما بالآخر ومزجهما في ذهن واحد، وأن نصوغهما في أسلوب يتذوقه العالم كله، وان نخرج منهما بذلك الذهن العام.

ولقد عين تين مدرساً في وزارة المعارف بمدرسة (نفير) في أول سنة ١٨٥١ الدراسية، لكنه لم يمكث في هذه المدرسة إلا شهوراً نقل بعدها إلى مدرسة دونها في الدرجة، وذلك لأغراض سياسية. ومن ثم نقل إلى (ابوانيه)، ومنها نقل مساعد مدرس إلى بزانسون في سبتمبر ١٨٥٢. وعلى رغم تنقلاته الكثيرة، قد وضع رسالة عن المشاعر ورسالة لاتينية تقدم بها إلى السوربون لنيل جائزة الفلسفة، ولما كانت هذه الجائزة قد ألغيت فقد أراد تين أن ينال جائزة الأدب العليا - ولكن رسالته لم تقبل، فوضع رسالة عن لافونتين فنال بها دكتوراه الآداب في ٣٠ مايو سنة ١٨٥٣، وعل أثر حصوله على الدكتوراه اقترحت الأكاديمية الفرنسية موضوعاً لجائزة تمنح في سنة ١٨٥٥ على احسن رسالة تكتب عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>