قلت لك هذا حتى فرغت منه معه) فصنع عدي طعاماً، ثم أتى النعمان بعد الفصح بثلاثة أيام فلما أخذا منه الشراب خطبها إلى النعمان، فأجابه وزوجه وضمها إليه بعد ثلاثة أيام
وعند موت المنذر الرابع أيد عدي حق النعمان الذي كان من قبل تلميذه ثم غدا حماه، في عرش الحيرة، ولقد تكللت الخدعة التي مثلها في هذا الحادث بالنجاح التام، ولكنها كلفته حياته
فعزم على الأخذ بالثأر أتباع (أسود ابن المنذر) إذ فشل صاحبهم في نيل العرش، ولكن مكائدهم أثارت شكوك النعمان ضد صانع العرش له. فألقى عديا في غياهب السجن حيث ظل يرسف في القيد ردحاً طويلاً حتى قتله النعمان حينما توسط كسرى ابرويز في إطلاق سراحه
وترك عدي غلاماً يدعى زيداً أشار كسرى ابرويز بان يخلف أباه في إدارة التحرير العربي في الديوان الملكي بالمدائن، ولما تصالح مع النعمان لم ينس ثأره القديم ولكنه أخذ يتحين الفرصة ويتأهب لها؛ وكان ملوك الفرس ذوي دراية بمحاسن النساء فإذا أرادوا امرأة بعثوا من يذيع طلبتهم وما يتوفر فيها من محاسن جثمانية وخلقية، ولكنهم لم يكونوا قد فكروا حتى ذلك الحين في نساء بلاد العرب ظناً منهم بأنها خالية من أية امرأة جميلة حوت من الصفات ما طلبوه، فوجد زيد إذ ذاك الفرصة سانحة، فجاء كسرى وقال له:(رأيت أيها الملك أنككتبت في نسوة، وعند عبدك النعمان من بناته وبنات عمه وأهله كثير فأبعثني وابعث معي رجلا من حرسك يفقه العربية) فبعث معه رجلا جليداً، ثم دخلا الحيرة ثم وصف للنعمان طلبة الملك، فقال لزيد والرسول يسمع:(أما في عين السواد ما تبلغون به حاجتكم؟) فقال الرسول لزيد: (ما العين؟) قال: (البقر) ثم رجعا إلى كسرى فقال لهما: (أين الذي كنت خبرتني به؟) فقال له الرسول: (قال النعمان أما في بقر السواد ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا؟) فعرف الغضب في وجهه، ثم بعث إليه كسرى فقيده وبعث به إلى خانقين، فلم يزل في السجن، ثم أمر بقتله فقتل ووطأته الفيلة
وإن الشواهد المنقولة إلينا لتظهر النعمان الثالث حاكما مستبداً زير نساء مولعاً بالخمر والغناء، كما كان مشجعاً لكثير من الشعراء وخاصة النابغة الذبياني الذي فر هاربا من الحيرة لفرية كاذبة. وإن هذه القصة وأخرى اتهم فيها الشاعر المنخل لتلقيان شعاعا