للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استلزمته مؤلفات إسكندر دوماس الكبير أو مؤلفات بلزاك أو ميشليه أو هوجو أو تيير؟ فلنر كيف كان هؤلاء الفحول يشتغلون

يقول دوماس الصغير في والده: لم يكن والدي يشتغل متقطعاً، بل كان يشتغل يومياً من وقت استيقاظه حتى الظهر غالباً؛ ولم يكن الغذاء ألا فترة راحة، وإذا تناول طعامه وحيداً، وهذا نادر، نقلت له مائدة صغيرة إلى حجرة العمل حيث يأكل برغبة ولذة كل ما يقدم إليه. فإذا انتهى الأكل عاد إلى كرسي العمل وتناول قلمه. ولم يكن يشرب وقت الغداء إلا النبيذ الأحمر أو الأبيض مخلوطاً بماء سلتز، فلا قهوة ولا خمر ولا تبغ. أما بقية اليوم فلم يكن يتناول فيه ألا شراب الليمون. وشغله في المساء قليل، ولكنه على كل حال لم يكن يسهر أبداً حتى ساعة متأخرة من الليل بل كان ينام نوماً عميقاً.

ولم يكن يشعر بتعب ألا إذا قضى على هذه الحال عدة أيام بل عدة اشهر. عند ذلك يسافر للصيد والقنص في رحلة قصيرة يستغرق معظم وقتها في النوم دون أدنى تفكير، فإذا ما حل ببلدة فيها ما يدعو إلى الفرجة ذهب لمشاهدة غرائبها ودون مذكرات عنها؛ فكل راحته في تغيير العمل.

ولقد شاهدته في عدة سنين يصاب بالحمى يومين أو ثلاثة عقب عمله اليومي المستمر، وتبلغ ضربات قلبه ١٢٠ أو١٣٠ فيعالج نفسه بالنوم العميق وشراب الليمون يوضع له في جفنة عظيمة على منضدة بجوار السرير، فكلما استيقظ تناول جرعات، منها وبعد مضي يومين أو ثلاثة ينتهي كل شيء فيقوم ويستحم ويبدأ عمله.

وكان دائماً في صحة جيدة لا يرتاح راحة تامة إلا في الصيد والسفر، ولم أعهده يرتاح في المنزل مطلقاً. غير أنه كان كثير النوم؛ وقد ينام بالنهار (على حسب هواه) ربع ساعة نوماً مصحوباً بشخير عظيم، فإذا ما استيقظ امسك بالقلم، ولم يكن يمحو شيئاً حين يكتب، وكان جميل الخط

أما دوماس الصغير فكان على خلاف والده، متقطع العمل يسكت أشهرا ثم يستأنف الكتابة، ذلك بأنه كان عديم الخيال، معتمداً في تأليفه على الملاحظات والتفكير؛ فكان لابد من أن يستغرق زمناً طويلاً في المشاهدات، ثم يفكر في طريقة صوغ القصة، حتى إذا ما نضجت عمد إلى تدوينها على القرطاس؛ وكان يقضي مدة المخاض في حركة، حتى إذا ما أراد

<<  <  ج:
ص:  >  >>