الرشد الذي أضاعه الخمر، ويرجع الاتزان الذي أفسده منظر الحسن، أو تعود الحالة الطبيعية التي اضطربت من جراء الإيحاء. بعد ذلك يذهب ما جاءت به النشوة الوقتية، وقد أفادني علاج نفسي ورياضتها على أن تستغرقها الحالة التي أتمثلها. نعم بقيت عاجزا عن العشق وفي أمان من جنون الحب فإن هذه طباع لا حيلة لي فيها، ولكني أصبحت بفضل هذه الرياضة أستطيع حين أفكر في شيء أو أكتب شيئاً أو أشغل بأمر أن أذهل عن الدنيا فلا أسمع ولا أرى، ولا يستطيع شيء أن يصرفني عما أنا فيه. . خرجت بفائدة على كل حال. وكثيرا ما ترى الإنسان يطلب شيئاً فيخطئه ويفوز بغيره.)
فقال (ولكنك محروم وهذا فظيع)
قلت (كلا. أنا على نقيض ذلك سعيد. مستريح من وساوس الحب وبلابله وهواجسه وتخريفه، وفي وسعي دائما أن أمتع نفسي بالحسن وأنا هادئ الأعصاب مدرك لما أنا فائز به بلا إسراف أو غمط في التقدير، ومن غير أن أنغص على نفسي هذه المتع بعد ذلك بالوساوس والخيالات وما إلى ذلك مما يكابده المحبون. . . وأقول لك الحق إني أصبحت لا أصدق من يزعم أن حبه على نحو ما يصف الشعراء ومن إليهم. ولا أعتقد إلا أن ذلك نشوة يطيلون عمرها بالإيحاء. والإيحاء يا صاحبي - إلى النفس والى الغير - عامل خطير الأثر في حياتنا. صدقني)
قال:(ولكني جربت)
قلت:(ما أظن بك إلا أنك تخدع نفسك. وهذه سنة الإنسان أبداً. عد إلى نفسك وحلل خوالجك بلا خوف من مواجهة الحقيقة ولا جزع ولا إشفاق. اجعل من نفسك شخصاً مستقلا. طبيبا يفحص حالة ولا يعينه إلا ما يهتدي إليه. وانظر ما يكون. . ثم تعال واخبرني. وأنا واثق أن النتيجة ستكون مطابقة لما حدثتك به عن نفسي)