أما من حيث أحجام الأجهزة وشكلها فلم تبق الشركات رغبة لراغب إلا قضتها، فالجهاز الكبير الذي يملأ الحائط كأنه قطعة من الأثاث موجود، والجهاز الصغير الذي تربطه إلى قائم عجلة الإدارة من سيارتك موجود، والجهاز الذي تستقي له من كهرباء المنزل موجود، والذي تستقي له من كهرباء البطاريات موجود، ومهما شئت من أشكال أو ألوان لخزانة الجهاز تتوافق مع شكل الحجرة التي تضعه فيها ولونها فموجود كذلك، ما وُجدت في كيسك الجنيهات. أما الذي خُيِّبت آمالنا فيه بحق فالأجهزة التي تنقل لك صور الرجل المذيع وهو يتكلم أو يمثل أو يغني فقد أقامت شركة ماركوني جهازا كبيرا من تلك الأجهزة عرفناه من بعيد لأنه كان حجر عثرة في سبيل سيل الزحام المتدفق لأنه كان ينجمد هناك. وصبرنا حتى بلغناه وإذا بوسطه لوحة سوداء طولها قدمان في مثلهما عرضا هي التي تركزت اليها الأنظار. أخذنا ننظر مع الناس فلم نر شيئا، وكنا على ساحل الصخرة الآدمية في قبالة اللوحة، وبعد لأي ضُغطنا من حيث لا ندري إلى مكان أحب واقرب، فعندئذ تبينا أشباح الممثلين وتتبعنا حركاتهم وهي متصلة حقا كاتصالها على شاشة السينما، إلا أننا خلناهم من ظلمة المنظر يلعبون في ليلة مقمرة قد حجب بدرها سحاب قاتم. على أنها بادرة حسنة وأول الغيث قطر ثم ينهمر.