الخشبية التي تلعب فيها أصابعهم وفي النتائج التي تأتي به من حيث الأداء. أما ما يحمله الأثير من جملة بديعة أو نغمة مشجية فله عندهم المحل الثاني. ولكم سر الزائر الغريب للمعرض أن يرى شبانا هواة لم يعدوا بعد العشرين ينسلون كالسحالي من خلال هذا الزحام يجمعون في أكياس من الورق بأيديهم نشرات العارضين وكتيباتهم وقد حوت كل طريف حادث.
وتتناول التحسينات المعروضة الاستقبال وحده، أي تحسين الآلة من حيث حسن أدائها، وحمايتها من البيئة التي تعمل فيها. مثال ذلك أن حسّ الآلة زاد، أي أنها تستطيع أن تلتقط أضعف الموجات في الأثير وان تكبرها دون أن تفقد منها شيئاً لا من النغم العالي ولا النغم الواطئ، أو دون أن يضعف هذا أو ذاك، فان قيمة ذلك كبيرة في إذاعة الموسيقى، ولو انه ليس له مثل هذا الخطر في إذاعة الكلام. كذلك زادت في الآلة القدرة على الاختيار، فكثيرا ما أراد الإنسان مناغمة محطة فهوّشت عليه محطة أخرى موجتها قريبة من تلك، فاصبح الآن يستطيع أن يحجب المحطة التي يريد حجبها. كذلك كان السامع يستمع إلى المحطة التي يشاء في اغتباط وهدوء فلا يلبث أن يرى الأصوات تضعف حتى تكاد تنعدم ثم تهجم على أذنه في قوة ثم تتقهقر فلا تترك في نفسه لذة من سماع، فاصبح بالآلات الجديدة في مأمن من هذا يستمتع لنغم ذي قوة مضطردة واحدة. كذلك كانت الآلات تتأثر بما في البيت أو الطريق من الكهرباء، كأن يكون بالمسكن مصعد أو بالشارع ترام، أما الآن فقد حاطوا الآلة (أو الأصوب بعض أجزاءها) بما يصد عنها كل هذا الأذى. حدثني صديق انه الآن لا يجد للمصعد هذا الأذى مع أن جهازه لا يفصله عنه غير سمك حائط. كذلك كنت تتطلب استماع محطة فتدير اللولب فيمر بك على محطات أخرى منها القريب القوي الذي يصرخ في البوق ذلك الصراخ المؤلم المعروف، أما الآن فتضبط الآلة كل هذا من نفسها. بل من الآلات ما لا تسمع له صوتاً وأنت تدور باللولب تطلب المحطة التي تريد. وانما ترى مصباحاً ينير ويظلم كلما مر بمحطة، فاذا أضاء عند موجة المحطة التي تريدها خفضتَ زرا فجاءك النغم والصوت على أشده، هذا إلى كثير من التغييرات التي لا يمكن ذكرها دون الدخول في معقدات الفن، ودون ذلك حوائل منها اللغة العربية، ولقد جازفت في هذا المقال فقلت (المكثف) و (الحَوِيَّة) و (المناغمة) و (المستقبِل) وفي نفسي شك كبير فيم يفقه