أواه! في هذه اللحظة والروح على وشك الفرار تريد البعاد، تود تحطيم السجن. هو ذا الإله يطل علينا من عليا سمائه، يستجيب دعانا، ينظر إلى شكوانا نظرة عطف تنقذ كلينا.
إن روحينا تريدان أن ترجعا إلى حيث وجدتا النور. واستشفتا الضياء. تريدان أن تقطعا معاً خضم هذا العالم إلى النهاية المحتمة، يداً بيد، ووجهاً إزاء وجه. حتى تصلا على جناح الحب إلى النهاية. فهي تصعد كضوء النهار إلى أن تنتهي إلى حيث الإله الخالد، وترتمي تحت أقدامه متعانقة باكية.
هذه الأفكار: أتراها تغشنا وتخدعنا؟
أواه! أللعدم خلقت أرواحنا؟ أللفناء كانت حياتنا؟ أتشترك الروح في مصير الجسد إلى العدم، ويلتهمها جوف القبر الغامض كما تلتهم الضواري اللحم، ويضيع بين ترابها العظم؟ أتعود إلى التراب الذي منه نشأت، أم تطير في الأجواء ولا تستحيل إلى هباء؟ أم تراها تتبدد في الفضاء، كما تتبدد صرخات صوت قذفته عروس حسناء؟
بعد حسرة ضائعة، وزفرة راجعة، وتوديعة باكية، أترى يفنى المحب، ويطوي الدهر في صفحات كتابه غرامنا؟ أواه؟! إن هذا السر العظيم لا يعرف كنهه إلا أنت. ألا انظري موت من أحبك (الغير) أجيبي. ردي علي!