على الروليت فربح أرباحاً طائلة - ولكنه قرأ في الجرائد أن جثة غريق ظهرت في النهر وأنها لرجل يدعى (ماتياس باسكال) فضحك ماتياس. وهنا خطر له أن يستغل الحادث وأن يعيش عيشة رجل مجهول طليق من الأوضاع الاجتماعية ولكنه سرعان ما يفقد شخصيته ويحس كأنه ميت حي!
وبعد صيت بيراندللو فعين أستاذاً للآداب في جامعة رومة، ولكن مهنته الجديدة زادت في متاعبه، فقد كان يعلم التلميذات في الجامعة وكن ظباء كلهن، واضطرمت الغيرة في قلب زوجته، وكثيراً ما اتهمته بميله إليهن وغرامه بهن؛ وغلى هو في التبرؤ إليها ولكنها ازدادت حقداً عليه بزعم غلها يده في نفقته الشخصية حتى لم تكن تسمح له إلا بدريهمات لا تغني. . . ثم تضاعفت غيرتها وساورتها الشكوك فكرهت أبناءها وقلبت بيتها جحيماً لا يطاق، فاضطر بيراندللو آخر الأمر أن يلجأ بها إلى مستشفى للأمراض العقلية
وقد أرسل بولديه إلى الميدان في الحرب الكبرى فأسر الأكبر وجرح الأصغر، ثم وصل إليه أبوه المفلس الأعمى من صقليه، فزادت أشجانه وتضاعفت متاعبه ولاسيما بعد أن لفظت الألسن وولغت في عرض أبنته التي اضطرت أن تقضي بقية حياتها في دير بعيد منفردة بعد أن فشلت في الانتحار غير مرة. . . . . . فمن هذه الفذلكة السريعة يدرك القارئ كيف أثرت تلك الحياة المشجونة القلقة التاعسة في كاتب إيطاليا العظيم، حين أصدر درامته الخالدة العبقرية (ستة أشخاص يبحثون عن مؤلف) والتي ملأها بكل مخاوفه وأحزانه
وقد تأثر بيراندللو بالكاتب الروسي دستوئفسكي، وبين دراماته وقصص دستوئفسكي صلات وثيقة، ولا نكاد نقرأ قصة أو درامة لبيراندللو إلا ونلمح أثر البطل راسكو لنيكوف ومناظر (بيت الموتى) ماثلة فيها - وقد تأثر كذلك بالسيكولوجي النمساوي فرويد وقد غادر منصبه في الجامعة سنة ١٩٢٢ ليتفرغ للمسرح، وقد كان يصحب فرقته التمثيلية إلى مختلف العواصم الأوربية والأمريكية ليباشر إخراج دراماته بنفسه
ومن أخلد دراماته وقصصه: هنري الرابع - و - أنت تضحك - وزوجها - كوميديا الموت - وحصان في القمر - والفخ - وشهوة الشرف. . . الخ.
ومما يؤخذ على بيراندللو إغراقه في الخيال وتجزئ الشخصيات والغموض الشديد في