ماضيها وحاضرها موضعاً للدراسة المستفيضة في استعراض مراحل الأدب المصري الإسلامي التي تعني الجامعة المصرية بالبحث في إنشاء كرسي خاص لها؛ بل يلوح لنا أن مثول الأزهر في تاريخنا الفكري بمثل هذه القوة من العوامل الأدبية الخطيرة التي تملي بضرورة إنشاء هذا الكرسي الخاص
وقد كنا نود أن تعني الجامعة المصرية إلى جانب عنايتها بإنشاء كرسي للأدب المصري الإسلامي بإنشاء كرسي آخر لتأريخ مصر الإسلامية؛ فقد انقضى عصر طويل لم يحظ فيه تاريخنا الإسلامي بما يجب من الدرس والعناية؛ ونحسب أن العوامل السياسية التي كانت تملي من قبل بإسدال الستار عن ماضينا وعلى ذكرياتنا القومية المجيدة. وبتصوير مصر في جميع مراحل تاريخها أمة مستعبدة، لم تذق في ماضيها الطويل الحافل طعم الحرية والاستقلال قد أنقضت؛ ونحسب أن الوقت قد حان لأن يعرف الشباب المصري عن تاريخه القومي على الإقلال مثلما يعرف عن تاريخ الأمم الغربية الذي تسخو برامجنا التعليمية في تلقينه للطلاب، وأن يرفع عن تاريخنا ذلك الستار الذي أسدلته يد الاهواء، وأن نستعرض ذكرياتنا القومية المجيدة على ضوء البحث المنزه، فيكون لنا منها غذاء قومي حقيقي، يخلق بالعصر الجديد الذي تستقبله مصر، فالتاريخ القومي في جميع الأمم الحية عنصر هام في تكوين الشعور الوطني وفي تغذيته وإذكائه
فالمشروع الجليل الذي يتقدم به اليوم الأستاذ العميد إلى مجلس الجامعة المصرية إنما تملي بتحقيقه بواعث علمية وقومية معاً؛ وما نحسب المجلس الموقر إلا سيقدر هذه البواعث قدرها وسوف يكون إنشاء الكرسي المنشود حادثاً علمياً في تاريخ برامجنا الدراسية؛ وفي اعتقادنا أن الجامعة ستفهم مهمة هذا الكرسي بأوسع معانيها، فتجعل منه بداية حسنة لدراسات مصرية إسلامية شاملة فيما بعد، وسوف يكون لهذه الدراسات أكبر الأثر في إحياء تراثنا الفكري، وسيكون لها بالأخص أكبر الأثر في التدليل على أهميته وعلى قيمته التي طمستها عصور طويلة من النسيان والنكران