الكبرى، ملاذ التفكير الاسلامي، حتى الفتح التركي؛ وفي جميع هذه المراحل كان الأدب المصري الإسلامي يحتفظ بجميع مميزاته وخواصه في جميع مناحي التفكير، في الشعر والأدب والتاريخ والعلوم والفنون؛ وإذا كان الأدب المصري قد تأثر في العصور ببعض العوامل الخارجية، سواء من المشرق أو المغرب، فأنه لم يفقد بالأخص شيئاً من طابعه المصري العميق
ويبدو هذا الطابع المصري الخاص لأدبنا الإسلامي في تراثنا الفكري بأوضح صورة؛ ففي الرواية والتأريخ، وفي الشعر والنثر. وفي أساليب والتفكير والكتابة، نلمس هذه الخاصة ولا سيما في الشخصيات والآثار النموذجية؛ فأنه يصعب مثلاً أن تجد بين شعراء العربية في الأمم الأخرى، شاعراً مثل البهاء زهير، أو ابن نباتة؛ فهذان شاعران مصريان روحاً ومعنى، يمثلان مصر أقوى تمثيل وأصدقه، ومن النادر أن تجد بين شعراء العربية من يحمل الرسالة القومية بمثل ما يتجلى في شعرهما من إخلاص وقو ة في التعبير عن الروح القومي وكل خواصه ومميزاته؛ كذلك ينفرد الأدب المصري بنوع من أدب الموسوعة أو (الأدب الانسيكلوبيدي، ولدينا من ذلك آثار تعتبر بحق نماذج فريدة مثل نهاية الأدب للنويري، ومسالك الأبصار للعمري. وصبح الأعشى للقلقشندي، وهي آثار ليس لها نظائر من حيث تنوعها وطابعها العام، وتخصصها مع ذلك فيما عرضت إليه؛ وانفردت الرواية المصرية الإسلامية أيضاً بمميزات خاصة تستحق أن ندرس على حدة، فأليها يرجع الفضل مثلاً في ابتكار فن الخطط والآثار، الذي يقوم على استعراض تأريخ المجتمع والحضارة إلى جانب تاريخ الدول، ونستطيع أن نقول بحق أنه لا يوجد بين آثار الرواية الإسلامية كلها أثر كخطط المقريزي في طرافته وقيمته الاجتماعية والتاريخية؛ وهذه أمثلة قليلة من كثيرة نستطيع أن ندلل بها على ذلك الطابع القومي الخاص الذي يمتاز به أدبنا المصري الإسلامي على غيره من آداب الأمم الإسلامية الأخرى
كذلك يجب أن لا ننسى أثر الأزهر في تكوين ذلك الطابع الخاص؛ وقد لبث الأزهر قروناً ملاذ العلوم والأدب في مصر الإسلامية؛ وأثره في تكوين تراثنا الفكري أعظم من أن نحيط به في مثل هذا المقام، وهو أثر يستحق أن يدرس لذاته ولأهميته وإذا كلن الأزهر نفسه أحق بأن يدرس تأريخه العلمي الحافل؛ فانه من المعقول أيضاً أن تكون رسالة الأزهر في