للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كرفع الاسم أو نصبه في مواضع من الكلام.

ثم رأيت علامات العدد تصور جزءاً من المعنى يحسه المتكلم حين يتكلم، ويدركه السامع حين يسمع. أما علامات الإعراب، فقل أن ترى لاختلافها أثراً في تصوير المعنى، وقل أن يشعرنا النحاة بفرق بين أن تنصب أو ترفع؛ ولو أنه تبع هذا التبديل في الأعراب تبديل في المعنى. لكان ذلك هو الحكم بين النحاة فيما اختلفوا فيه، ولكان هو الهادئ للمتكلم أن يتبع في كلامه وجهاً من الأعراب.

فلو أن حركات الأعراب كانت دوال على شيء في الكلام، وكان لها أثر في تصوير المعنى، يحسه المتكلم ويدرك ما فيه من الإشارة ومن وجه الدلالة، لما كان الأعراب موضع هذا الخلاف بين النحاة ولا كان تعلمه بهذه المكانة من الصعوبة، وزواله بتلك المنزلة من السرعة.

ألهذه العلامات الإعرابية معان تشير إليها في القول؟ أتصور شيئاً مما في نفس المتكلم، وتؤدي به إلى ذهن السامع؟ وما هي هذه المعاني؟؟

والعربية - لغة القصد والإيجاز - أتلتزم علامات الإعراب على غير فائدة في المعنى، ولا أثر في تصويره؟

لقد أطلت تتبع الكلام، أبحث عن معاني لهذه العلامات الإعرابية، ولقد هداني الله - وله خالص الإخبات والشكر - إلى شيء أراه قريباً واضحاً، وأبادر إليك الآن بتلخيصه:

(١) إن الرفع علم الإسناد. ودليل إن الكلمة يتحدث عنها

(٢) إن الجر علم الإضافة، سواء أكانت بحرف أو بغير حرف

(٣) إن الفتحة ليست بعلم على إعراب، ولكنها الحركة الخفيفة المستحبة، التي يحب العرب أن يختموا بها كلماتهم ما لم يلفتهم عنها لافت؛ فهي بمنزلة السكون في لغتنا الدارجة

(٤) إن علامات الأعراب في الاسم لا تخرج عن هذا إلا في بناء أو نوع من الأتباع، وقد بيناه أيضاً.

فهذا جماع أحكام الإعراب؛ ولقد تتبعت أبواب النحو باباً باباً واعتبرتها بهذا الأصل القريب اليسير، فصح أمره، وأطرد فيها حكمه.

ثم زدت في تتبع هذا الأصل، فتجاوزت حركات الإعراب، ودوست التنوين على أنه منبئ

<<  <  ج:
ص:  >  >>