المفتوق. ثم لا يرضى إلا أن تكون بذلك رداً على جماعة خصومه وهي رد عليه وعلى جماعته، ولا يرضى مع الرد إلا أن يكون كالأعاصير تدفع مثل تيار البحر في المستنقع الراكد
ثم لم يجد لها رئيس التحرير غير عمك أبي عثمان في لطافة حسه وقوة طبعه وحسن بيانه واقتداره على المعنى وضده، كأن أبا عثمان ليس عنده ممن يحاسبون أنفسهم ولا من المميزين في الرأي، ولا من المستدلين بالدليل، ولا من الناظرين بالحجة. وكأن أبا عثمان هذا رجل حرُوفي. . . كحروف المطبعة ترفع من طبقة وتوضع في طبقة وتكون على ما شئت، وأدنى حالاتها أن تمد إليها اليد فإذا هي في يدك
وأنا أمرؤ سيد في نفسي وأنا رجل صدق ولست كهؤلاء الذين لا يتأثمون ولا يتذممون؛ فإن خضت في مثل هذا انتقض طبعي وضعفت استطاعتي وتبين النقص فيما أكتب، ونزلت في الجهتين فلا يطرد لي القول على ما يرجو ولا يستوي على ما أحب. فذهبت أناقضه وارد عليه؛ فبهت ينظر إلي ويقلب عينيه في وجهي كأن الكاتب عنده خادم رأيه كخادم مطبخه وطعامه هذا من هذا
ثم قال لي: يا أبا عثمان إني لأستحي أن أعنفك. وبهذا القول لم يستح أن يعنف أبا عثمان. . . ولهممت والله أن أنشده قول عباس بن مرداس:
أكُلَيب. . . مالك كلَّ يوم ظالما ... والظلمُ أنَكدُ وجهه ملعون. . .
لولا أن ذكرت قول الآخر:
وما بين من لم يُعطِ سمعاً وطاعةً ... وبين تَميمٍ غيرُ حَزِّ الغلاصمِ
حزُ الغلاصم (وقطعُ الدراهم) من قافية واحدة. . . وقال سعيد بن أبي عروبة:(لأن يكون لي نصف وجه ونصف لسان على ما فيهما من قبح المنظر وعجز المخبر - أحب إلي من أن أكون ذا وجهين وذا لسانيين وذا قولين مختلفين). وقال أيوب السختياني. . .
وهم شيخنا أن يمر في الحفظ والرواية على طريقته فقلت: وقال رئيس التحرير. . .؟
فضحك وقال: أما رئيس التحرير فيقول: إن الخلابة والمواربة وتقليب المنطق هي كل البلاغة في الصحافة الحديثة، ولهي كقلب الأعيان في معجزات الأنبياء صلوات الله عليهم فكما انقلبت العصا حيةً تسعى، وهي عصا وهي من الخشب، فكذلك تنقلب الحادثة في