وأخيراً يجب ألا ننسى ما للناحية الخلقية في تكوين الثقافة القومية من أهمية خاصة. ولسنا بحاجة لأن ندلل على أن المثل الأخلاقية الرفيعة يجب أن تكون غاية الغايات في كل ثقافة عظيمة؛ فإذا كان الماضي قد طوى بسيئاته ومثالبه المعنوية فمن ألزم واجباتنا في العهد الجديد أن نعمل على إخراج جيل جديد يتمتع بالجرأة والصراحة واستقلال الرأي وسلامة التفكير والتقدير؛ فهذه القوى المعنوية والأخلاقية ضرورية لحماية الاستقلال القومي ضرورة الجيوش ذاتها
والخلاصة أن ثقافتنا الجديدة يجب أن تكون وليدة ثورة حقيقية، سواء في نظمها أو روحها أو مادتها؛ يجب إلا تكون ثقافتنا المستقبلة كما كانت في الماضي، معتركا لتنافس الثقافات والمؤثرات الأجنبية المختلفة. بل يجب أن تكون ثقافة مصرية خالصة، حرة من كل تيار غير مرغوب فيه؛ ويجب أن تكون ثقافاتنا غزيرة عميقة في نفس الوقت، تأخذ بالتخصص في جميع الدراسات والشؤون الجوهرية، ولا تخلو مع ذلك من التعميم النافع؛ وأخيراً يجب قبل كل شيء أن يتبوأ الطابع القومي مقامه الأول في صوغ ثقافتنا وفي توجيهها.