جوابي ونهرني وخشي الشيخ شاويش العاقبة فقال له:(يا مولانا. العصر وجب) فنهض الشيخ حمزة لصلاة العصر وتركني لزملائه فأسرعوا في امتحاني قبل أن يفرغ الشيخ ويعود
وأحسب أن ما وسع العرب الأولين من معرفة العربية بلا نحو لا يعجز عنه أبناء هذا الزمان. ومن الميسور فيما أعتقد أن تحل قراءة الأدب العربي محل النحو. وليس يعجز رجال العربية عن وضع مختارات صالحة لكل سن. وإذا كان لابد من النحو فليكن ذلك عرضا وأثناء القراءة وعلى سبيل الشرح وللاستعانة به على الفهم، وعلى إلا يكون ذلك درسا مستقلا يؤدى فيه امتحان. أما الطريقة التي يتعلم بها أبناؤنا العربية فإني أراها مقلوبة لأنها تبدأ بما يجب الانتهاء إليه. ومن ذا الذي يتصور أن صبياً صغيراً يستطيع أن يفهم ما الفعل وما الاسم وما الحرف. وأن هذا يكون حكمه كيت وكيت وذاك يجري عليه كذا وكذا من. . وإن هذه الفتحات والضمات والكسرات علامات إعراب أو لا أدري ماذا هي، وأن لفظا يكون مسندا ولفظا يكون مسندا إليه إلى آخر هذه الألغاز التي لا يعقل أن يدركها طفل صغير. بل إني أنا الكبير أردت منذ بضعة أيام أن أراجع شيئا في النحو ففتحت وقرأت فيه شيئا ثم وضعته يائسا من الفهم ولجأت إلى وسيلة أخرى كانت أجدى علي من هذا الكلام الذي أراه يفهم، وذلك أني كتبت الوجهين اللذين حرت بينهما واختلط علي الأمر فيهما فلم أعد أدري أيهما الصواب وأيهما الخطأ، ثم ذهبت أنظر إليهما فالذي سكنت إليه نفسي أخذت به وتبنيت بعد ذلك أن ما أخذت به كان هو الصحيح وأن عيني لم تخدعني وأن نفسي إنما اطمأنت إلى ما طال عهدها به من الصواب. أما ما لم تألفه أثناء مطالعاتي فقد رفضته. والطريقة التي أشير بها تجعل العربية سليقة على خلاف ما هو حاصل الآن فإن أبناءنا يتعلمون العربية كما يتعلمون الإنجليزية أو أية لغة أجنبية أخرى لا يشعرون بصلة بينها وبين نفوسهم. وكثيرا ما يتفق أن يخرج التلميذ وهو أعرف باللغة الأجنبية منه بالعربية. وليس بعد هذا فشل والعياذ بالله. وأسأل من شئت فلن تجد أحداً لا يقول لك إن اللغة العربية انحطت - أعني ضعف العلم بها - في هذا الجيل. ولست أعرف لهذا سببا إلا أن التلاميذ لا يتعلمون اللغة وإنما يحفظون نحوا وصرفا وبلايا كثيرة أخرى مثل البلاغة الخ لا تعلمهم اللغة وإنما تبغضها إليهم. فإذا كان التبغيض هو الغاية المنشودة فلا