للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعلي واجبات. . . ولزوجي شرف، وله كرامة. . . وهو بحبه لي خير منك بعبثك عليَّ. . . أونجين. . . وداعاً!)

هذا ملخص مقتضب لهذه القصة الرائعة التي يخطئ مؤرخو الآداب فيقرنونها بدون جوان لبيرون

فن راسين (١٦٣٩ - ١٦٩٩)

يعتز الفرنسيون براسين اعتزاز الإنجليز بشاكسبير. ولكل من راسين وشكسبير ميزة يفضل بها أخاه، فراسين يحكم العقل في العاطفة ويسخرها له وبعكسه شاكسبير الذي يجعل العاطفة مسيطرة على العقل سيطرة تامة ويترك لها القياد فوق المسرح فتنتقل بالنظارة في آفاق شعرية جميلة صاخبة لا وجود لها في عالم الحقيقة. ولا يدري أحد أيهما يفضل أخاه ولا يستطيع أحد أن يحكم لأحدهما على الآخر

والذي يلفت النظر في فن راسين أنه مشيد على دعائم يونانية من فن سوفوكليس ويوريبيدز في حين تفيض فيه روح مسيحية عليها طابع قوي من جماعة الـ (أو الطهريين الفرنسيين) ثم يزين ذلك كله رواء من أبهة لويس الرابع عشر وفخامته.

ولكن يوريبيدز أقوى أثراً في راسين من كل شيء آخر. ولا غرو، فقد كان راسين يسير على درب الأديب البوناني الكبير ويمشي على منهاجه فلا يحيد قيد أنملة، اللهم إلا فيما يجعل دراماته ملائمة لعصر لويس العظيم. ففي (أندروماك) و (إفجنيا) و (فيدر) نلمس يوريبيدز في الأدب الفرنسي وتكاد المقارنة بينهما، وإن كان راسين قد لون فن أستاذه بمثل الألوان التي كان رافائيل يضيفها على صور لداته فيخلقها خلقاً آخر.

وليس شك في أن (أندروماك) خير درامات راسين جميعا. ولا نبالغ إذا قلنا إن أية درامة أخرى لم تجمع أشخاصاً ذوي عواطف شتى وأحاسيس متناقضة كما جمعت أندروماك. ولا نستطيع أن نعلل الأسباب التي إليها يرجع عدم نجاح هذه الدرامة العنيفة على المسرح المصري، إلا أنها قطعة كلاسيكية لم يعتدها الذوق المصري بعد. وهذا ما يؤسف له! وإذا كانت أندروماك قد جمعت كل هذه الشخصيات المتناقضة فبعكسها (فيدر) التي ازدحمت في قلب بطلتها متناقضات من عواطف غريبة ما برحت تتنقل وترتفع وتنخفض وتخبو وتشتعل حتى ختام المأساة. فقد أحبت فيدر ابن زوجها حبا شهوانيا اختلط بلحمها وخامر

<<  <  ج:
ص:  >  >>