والصواب والإغلاق والإبانة والملحون والمعرب، كله سواء وكله بياناً (وكان المكي طيب الحجج، ظريف الحيل، عجيب العلل. وكان يدعي كل شيء على غاية الإحكام ولم يحكم شيئاً قط من الجليل ولا من الدقيق. وإذ قد جرى ذكره فسأحدثك ببعض أحاديثه. قلت له مرة: أعلمت أن الشاري حدثني أن المخلوع (أي الأمين) بعث إلى المأمون بجراب فيه سمسم، كأن مخبره أن عنده من الجند بعدد ذلك، وأن المأمون بعث له بديك أعور، يريد أن طاهر بن الحسين يقتل هؤلاء كلهم كما يلقط الديك الحب؟
قال: فإن هذا الحديث أنا ولدته، ولكن انظر كيف سار في الآفاق. . .
ثم قال أبو عثمان: وقد زعم أحد أدبائكم أنه اكتشف في تاريخ الأدب اكتشافاً أهمله المتقدمون وغفل عنه المتأخرون، فنظر عمك في هذا الذي ادعاه، فإذا الرجل على التحقيق، كالذي يزعم أنه اكتشف أمريكا في كتاب من كتب الجغرافيا. . . .
وما يزال البلهاء يصدقون الكلام المنشور في الصحف لا بأنه صدق ولكن بأنه (مكتوب في الجريدة). . . . فلا عجب أن يظن كاتب صفحة الأدب - متى كان مغروراً - أنه إذا تهدد إنساناً فما هدده بصفحته بل بحكومته. . . .
نعم أيها الرجل إنها حكومة ودولة؛ ولكن ويحك: إن ثلاث ذبابات ليست ثلاث قطع من أسطول إنجلترا. . . . . .!