وغاياتها، وأن تعتمد على تأييدهم ونصرتهم كلما اقتضت الظروف والأحوال
والدول المحدثة التي تعتمد في عصرنا على سلاح الدعاية ترمي إلى مثل هذه الغاية؛ فهي تتوسل بما لديها من أسلحة حديثة لغزو العقول والأذهان كالصحافة والراديو والسينما وغيرها لفرض مذاهبها السياسية والاجتماعية والدينية أحياناً على جمهور الشعب والحصول على تأييده ونصرته. ولم تكن الخلافة الفاطمية، وهي من دول العصور الوسطى، تتمتع بشيء من هذه الوسائل القوية المحدثة، ولكنها مع ذلك استطاعت أن تنظم دعوتها بأساليب ووسائل مدهشة، وأن تجني كثيراً من الثمرات المادية والمعنوية، بل لقد كان قيام الدولة الفاطمية ذاته نتيجة من نتائج الدعوة الفاطمية. وذيوع هذه الدعوة في قبائل إفريقية البربرية هو الذي جمع كلمة القبائل حول عبيد الله المهدي، وهو الذي مهد لقيام الدولة الجديدة
والخلاصة أن فكرة الدعاية التي تتبوأ في النظم السياسية والاجتماعية الحديثة، ولا سيما نظم الطغيان الفاشستية، مكانة خاصة، وتعتبر من أقوى أسلحة الطغيان في عصرنا، ليست جديدة في ذاتها أو غاياتها، وإن كانت جديدة في وسائلها، وقد عرفتها الدول الإسلامية قبل ألف عام، واتخذت على يد الخلافة الفاطمية أذكى وأبرع وأنفذ أساليبها