فسألت الصائغ عن قولها فقال: إنها أتت ألي بفص وأمرتني أن أنقش لها عليه صورة شيطان! فقلت لها ما رأيت الشيطان حتى يمكن أن أصوره، فأتت بك وقالت ما سمعت!!
وقد لا يخجل من أن يتندر على نفسه بالبلاهة وبالغفلة، ومن ذلك ما ذكره عن نفسه إذ قال: جلست إلى المرآة وقد أمسكت بالمقراض أريد أن أقرض من لحيتي ما زاد على القبضة من تحت ولكني نسيت فقرضت ما فوق القبضة، وتلك من اختراعات الجاحظ وتلفيقاته. وللرجل من أمثال هذه كثير، وكلها من هذا الطراز الذي يطل منه الجاحظ صريحاً في الضحك على نفسه، جريئاً في الإضحاك بما يمسه في سمته، فلا يخجله أن يتحدث عن بشاعة منظره الذي أفزع المتوكل فصرفه عن تأديب أولاده، وجعل المرأة تقدمه إلى الصائغ على أنه شيطان، والأخرى تعرض بقصره، والثالثة تخجله بالنادرة، والشيخ يمثله بالجندب في ذيل الكبش. . . فأما إذا ما أخذ الرجل في الضحك على غيره من الإخوان والأصدقاء، والحمقى والنوكى والموسومين والمدخولين، وأهل العي والحصر والنجلاء والأطلة، والمكدين وأصحاب التطفيل، فإنه يكون أصرح وأجرأ، وأحلى، وأملح، وقد عني الرجل بأخبارهم واهتم بالحديث عنهم، وما أعرف له كتاباً يخلو من ذكرهم، وإذا كان من الإطالة أن نسرد ما للرجل في كل ذلك فلا بأس من أن نسرد بعض ما له في مقال آت