معرفة بعض ما بلغه المصريون في علمي الهندسة والرياضيات، ولا غرابة إذا اعتبر العلماء المعاصرون، الأهرام أعظم نموذج عملي لعلم الهندسة المعمارية إطلاقاً
ولم تدم مرحلة بناء الأهرام طويلاً، بل إنها لم تكن إلا في عهد الأسرات الأولى فقط، أما المعابد فإنها بدأت معها ولكنها ظلت تشيد طوال عصور الحضارة المصرية القديمة
وأهم الأهرام ثلاثة، أولها وأعظمها هرم خوفو البالغ ارتفاعه حالاً ١٣٧ متراً وطول ضلع قاعدته ٢٢٧ متراً، كله من الأحجار الضخمة التي استحضرت من محاجر طرة والمقطم ومن محاجر أسوان أيضاً. وبلغ حجمه الهائل حوالي مليونين وثلث مليون من الأمتار المكعبة، له مسالك للسير في داخله والوصول إلى حجرات الدفن، كما أن له منافذ للهواء
أما هرما خفرع ومنقرع فهما أصغر قياساً وحجماً، كما أنهما نسبياً أقل أهمية من الهرم الأكبر. وتوجد بمصر أهرامات كثيرة في أبي رواش وأبي صير وسقارة ودهشور وميدوم وغير ذلك، لبعضها مميزات واضحة منها التدرج (كهرم سقارة المدرج) ومنها عدم استقامة أضلاع الزوايا (كهرم ميدوم) الذي كان في الأصل مكوناً من سبع طبقات بعضها فوق بعض لم يبق منها إلى الآن سوى ثلاث. كل هذه الأهرام كانت مقابر للملوك. ولعل ما تشعر به النفس من رهبة أثناء دخول الهرم الأكبر خير دليل على مبالغة الملوك في الحرص على أجسادهم بعد موتهم الذي نظروا إليه بكل اعتبار وبكل تقدير
أما المعابد فقد اختلفت عن الأهرام اختلافاً ظاهراً واختلافاً معنوياً، فبينما كانت الأهرام مقابر للملوك. كانت المعابد أماكن للعبادة. فضلاً عن اختلاف الوضع والتصميم
والناظر إلى المعابد المصرية إجمالاً يرى أنها تنقسم من ناحية طراز أعمدتها التي هي أبرز ما يلفت نظر الزائر لها إلى قسمين: أولهما المعابد ذات الأعمدة الشاملة لقنوات سارت مع طولها، من قاعدتها إلى نهايتها، حيث تحمل السقف مع تجردها من التيجان. وثانيهما ذات أعمدة لها حيناً قنوات وحيناً آخر خالية منها، علاوة على وجود التيجان في أعلاها. أما التيجان نفسها فكانت على هيئة زهرة اللوتس أو زهرة البردي أو على شكل نهاية النخل (العمود النخلي) أو كانت أحياناً عبارة عن مكعب على نهاية العمود الأسطواني حفرت على كل وجه من أوجهه الأربعة رؤوس نساء (ش ٦) وبمقارنة المعابد المصرية المهمة بعضها ببعض، يمكن أن نعرف أن عصر نهضة فن بنائها انحصر في عهد المملكة