على ظهر السفينة (عرب عرب) فجاءتني السيدة الإنكليزية مستفسرة بشيء من التعجب: (هل هؤلاء هم العرب الذين يغارون على مجدهم السابق واستقلالهم المنشود)؟ فبينت لها خطأ التسمية من إطلاق اسم جزء خاص على كل عام وأن حفاة أرلندة - وكانت أرلندة يومئذ تتحفز للثورة - ليسوا كل الأرلنديين. قال الأستاذ نزيه في ملاحظته (ومما يؤسف له أن أكثرية الوطنيين العرب - في عدن - أصبحوا خداماً للأجانب فلا يتعاطون من الأشغال إلا الدنيئة كالخدمة في المنازل وصيد السمك والحماقة ومسح الأحذية ونقل البضائع وخصوصاً الفحم والغاز من السفن التجارية إلى البر؛ وكذلك في مصر من الفرنجة والمتفرنجين من يطلق كلمة (عرب) على هذه الطبقة من الناس
وفي الكتاب ملاحظات قيمة عن الزراعة في البلاد وخصب الأرض وخدمتها والطرق الابتدائية المستعملة في استنباتها وهو يقول أن محصولات اليمن تشمل البن والتنباك والقطن، وذكر لي أن جلالة الإمام استحضر من مصر بزر (السكالاريدس) فنجح هناك نجاحاً ظاهراً ومن أغرب ما جاء في هذا الكتاب مما يخالف المألوف ولا ندري له سبباً أن تضع الحكومة المتوكلية مكساً أو رسماً جمركياً اثنين ونصفاً في المائة على الصادرات ولا تضع شيئاً على الواردات (ص ٢٧)
وأن تعجب فعجب أن تكون اليمن وهي موطن أفخر بن لا تشرب القهوة المعمولة من ثمره وإنما تشرب مغلي قشره مما يذكرني ببلاد النمسا فهي تصنع أفخر الطرابيش لا ليلبسها النمسويون بل لتصديرها إلى بلاد الشرق. واليمنيون إذا أرادوا إكرام ضيوفهم بهذا المغلي سألوهم أتتقشرون أي أتريدون أن تشربوا القشر على قول أتتفكهون
وقد عرفنا قديماً أن نساء اليمن في الأرياف يلبسن القبعات القش ولكن المؤلف رآهن في حفلة عرس سافرات (وبعضهن كن عاريات إلا من مئزر بسيط، وبعضهن كن لابسات أكماماً قصيرة - ديكولتيه - وبعضهن وضعن على رؤوسهن حجاباً أسود، وبعضهن وضعن فوق هذا الحجاب قبعة مصنوعة من قش القمح أو الشعير ذات حجم كبير لترد أشعة شمس تهامة المحرقة وهي من صنعهن، وقد علمتهن الحاجة التي هي أم الاختراع ألا يتقيدن بعادة وقانون بل يلبسن ما يوافق محيطهن واحتياجهن)
ويخيل إلى من يقرأ هذا الكتاب أن البلاد تحت نوع من الأحكام العرفية أو أن أهاليها في