للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مدرسة ليلية أو في سجن إصلاحي لأن السير في طرقاتها من بعد ساعة معينة من الليل محظور، فقد جاء في الصفحة ٤٩ (وفي هذه الساعة الرهيبة - يعني بعد تناول العشاء - لا يسمع المرء في بلاد اليمن من أقصاها إلى أقصاها إلا نداء الجنود في ثكناتهم وقلاعهم وحصونهم (وامتوكلاه) - على طريقة بادشاهم جوق باشا في الدولة العثمانية - وبعدئذ يضرب بوق النوم فيذهب جميع أهل المدن إلى النوم ويصبح الخروج من المنازل إلى الأزقة والشوارع محظوراً على الجميع عدا الجند)

وأعجبني جد إعجاب إلغاء الرق في بلاد اليمن ومنع الأتجار بالعبيد فلم يجد المؤلف لهذا الوضع أثراً في تلك الأنحاء بل قال في الصفحة ٥٠ (إن الإمام حفظه الله منع هذه التجارة منذ تولى الحكم، وكان عنده عبد يدعى صمصام فأعتقه لوجه الله وزوجه من فتاة كانت في خدمته ووظفه في إحدى الوظائف)

وكل كتاب عن اليمن لا يذكر النبات المخدر الذي يدعى (قاتاً) لا يكون مستوفياً للشروط، فالقات عند اليمنيين لا يقل شأناً عن الوسكي عند الإنكليز والبوزه عند السودانيين، وهو له مجالس خاصة ينهمك المجتمعون فيها بمضغه، وأمام كل واحد منهم رزمة كبيرة منه والى جانبها إبريق من فخار ومبصقة من فضة؛ أما الإبريق فيستعملونه لغرغرة أفواههم من حين إلى آخر، وأما المبصقة فلطرح أوراق القات بعد مضغه. ويدوم هذا المجلس من بعد الغداء حتى المساء، ويسمى هذا النبات بالإنكليزية (كانا أديوس) وفيه مادة مخدرة تؤثر في الأعصاب فيشعر من يمضغه براحة وبسط وانشراح

ثم ذكر الأستاذ نزيه أضراره فقال (أنه يقلل من شهية الإنسان للطعام ويزيد فيه الميل إلى شرب الماء ويضر بالأسنان ويسودها، وبالمعدة فيقلل من عصيرها وبالنسل فيضعفه. وبالرغم من جميع هذه المضار وبالرغم من علم أهل اليمن بها فهم يمتدحونه وينشدون القصائد في مزاياه ويستعملونه بأجمعهم ماعدا صاحب الجلالة الإمام يحيى فقد منعه طبيبه الخاص من استعماله منذ عدة سنوات ولا يزال جلالته ممتنعاً عنه إلى اليوم)

ومن دواعي الأسف أن يضيع اليمنيون ثروتهم وصحتهم في هذا المخدر الضار حتى أن الذي يشتغل منهم في نهاره كله بفرنك واحد يصرف معظمه على القات. ويغرس شجره كما يغرس البن في الأودية المرتفعة التي لا تتعرض لحرارة الشمس الحادة إلا بضع

<<  <  ج:
ص:  >  >>