للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أبي سلمى المعروفة، ومن معلقته حيث يمدح السيدين اللذين اصلحا بين عبس وذبيان بعد ما تفانوا، ويستطرد إلى قوله: (وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم)، غير أن ذلك قليل نادر. وقد كان الجهاد دائماً شعار الدولة الإسلامية، وكان النزاع والغلاب دأب أمرائها، وبذلك تفاخر فرسانها وبه امتدحهم مادحوهم من الشعراء، وظل السيف والرمح والبنود والخيول في شعر الشعراء العربية مرادفات للعز والمجد والغلب والسيادة، ولم يخل الأدب الإنجليزي من محبذين للحرب متغاضين عن مغاباتها كتنيسون الذي كان يرى الحرب وسيلة لا غنى عنها من وسائل العمران وتطهير النفوس من شوائب المادية والترف والأنانية، غير أن الأدب الإنجليزي أغنى بآثار النظرة الإنسانية، التي تغض الحرب وتصور بشاعتها وبلاياها.

ففي قصيدته (البطولة) يقول كوبر معرضاً بملوك فرنسا: (أيها الملوك الذين يستهويكم المجد وتؤيدون بالدم دعواكم، وتهوون بالضربة ثم تبررونها بالدفاع عن النفس، المجد بغيتكم والحق ذريعتكم، تسكن عبر النهر الذي يحد ملككم الحق، ويريكم مدى ما يجوز لكم أن تنشروا عليه حكمكم، أمة لا مطمع لها في تاجكم، حريصة على السلام، سلام جيرانها وسلامها، ولكن يا لشؤم طالع تلك الأمة! ويا شد ما تتقاضاها جريرتها الوحيدة، جريرة مجاورتها إياكم، أما هي إلا أن تنطلق الأبواق حتى تزحف كتائبكم إلى الخارج شاقة طريقها وسط المحصول الناضج، يطئون في كل خطوة حياة جماهير وخبز أمة، فالأرض أمامهم جنة يانعة، وهي خلفهم يباب بلقع)

وفي قصيدته عن موقعة بلنهايم التي كسبها القائد النابغة ملبرا يصف سوذي شيخاً المانيا جالسا ذات مساء أمام كوخه في أرباض البلدة التي دارت حولها رحى المعركة، بعد جيل من حدوثها وحفيداه يلعبان حوله، فإذا الطفلة ترى أخاها يدحرج شيئا مستديرا قد عثر به بجانب الجدول، فتناول الشيخ ذلك الشيء والطفلان مشرئبان إليه يريدان أن يعلما ما هو، حتى هز الجد رأسه قائلا هذه جمجمة مسكين سقط يوم النصر العظيم، وكثيرا ما أعثر بهذه الجماجم في الحديقة) وحين أحرث الحقل كثيرا ما يثيرها المحراث من التربة، ولا غرو فقد سقط آلاف مؤلفة في ذلك النصر العظيم، فيتساءل الطفلان بفارغ الصبر عن تلك الحرب وسبب تناحر الفريقين، فيقول جدهما: شتت الإنجليز صفوف الفرنسيين، أما سبب

<<  <  ج:
ص:  >  >>