تتلاشى، إذ ليس هنالك في الحقيقة إلا ارتياح أو ضجر، إلا انفعالات وتأثير. وقال أناطول فرانس في كتابه (الحياة الأدبية): الحقيقة هي ما لا تخرج عن نفسها أبدا وفي هذا أكبر بلائنا. فلنتحمل إذن بخلوص نية هذا البلاء، ولا نصدر أحكامنا على الآثار، ولنصدر انفعالاتنا!
لقد كان جول ليمتر صادقا ولكنه كان اقل اهتداء مما راح يزعم، فلقد انتمى في أواخر أيامه إلى مذاهب سياسية، وكان زعيم الحزب الوطني، وهو - في فترات راحته - لا تشعر منه بذلك الرجل الذي يتحدث للتحدث وحده، ولكن تحس ذلك القاضي الذي يحكم ويدين، على انه يبقى رجلا عالمياً ببعض آثاره العالية، ومذهبه الانفعالي قد ترك له مجال الخوض واسعاً. فهو يستطيع أن يخوض حقولا مختلفة في الأدب والفن لا يصرفه عن ذلك شيء، وقد عمل على تجديد الأدب القديم وكانت له فيه محاولات لاستنقاذه من قيود الفصاحة التقليدية المدرسية لكي يندمج مع الحياة الراهنة. وإذا كان النقد الانفعالي لم يجعل همه التحقيق والإقناع فهمه إذن أن يسر، وهكذا أراد جول ليمتر أن يسر! ولقد كان هذا الناقد ممن أوتي روحاً وخفة وفناً ومتزناً مستقيما، فكان تأثيره عظيما وأعظم آثاره (المعاصرون)
ريمي دي كورمون ١٨٥٨ - ١٩١٥
لا يمكن الخوض كثيراً في الحديث عن (ريمي دي كورمون) فلقد كان له قراء أمناء، لكن عددهم قليل. إذ كان يمقت الفوز والجماعات والمجد المدرسي، على أنه كان معلماً، معلم صفوة مختارة من القراء، اتبعت تعاليمه ومذاهبه. وكانت تجد فيها فكرة رائعة متنوعة، لا تقف على الأدب وحده، لقد كان يفتش في الآداب خاصة عن ترجمة صادقة للحياة، وكان يرى أن ليس في الإمكان تفهم الحياة بغير العلماء والفلاسفة، ولذا تناول في بحوثه شخصيات مختلفة، أرباب علم وأدب وطبيعة وطب وأرض واجتماع، وتحدث عنها كما يتحدث عن شعراء وروائيين، ولكنه لم يحمل في كل هذا علم اليقين. إذ لا يقين - عنده - في العقل الذي لم يبلغ إلا ذرة من الحقائق الظاهرة! إلا ذرة واحدة! ولا في القلب الذي لا يمثل لنا إلا فصولا مختلفة، لا هم له منها إلا إلقاء السدول على العقل، ولا في نظريات (ما وراء الطبيعة) ولا في الأديان التي تطفح بعوامل التعصب.! نراه يجنح إلى الشك. لاشك التشاؤم: هنالك فلسفة السعادة. . . ينبغي أن تحيا سعيداً! وأن تكون فوق كل شئ وأن