للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

القدرة التثبت من أية حقيقة. وان هذا العجز قد يكون ضروريا في بعض الأحيان. إن محاوراته الفلسفية تعلمنا أن الحقائق المطلقة، الحقائق الفلسفية، لا يمكنها أن تكون هدف البراهين! وقد يكون هذا خيراً. إذ من يعلم أن الحقيقة ليست بدافعة إلى الحزن؟ من يعلم أن الأخطاء والأوهام ليست بنافعة أو ضرورية؟ لقد كان الشعب حيوانا ضارياً مولعا بالاعتقادات الباطلة. فذللت صرامته ومشادته باعتقادات باطلة مثلها. ما عسى يغدو الإنسان إذا أصبح واقعيا؟ إنه يصبح سيداً صارما أحمق! من يعلم بأن حكمة سليمان لم تكن على حق، تلك الحكمة القائلة: (كل شئ باطل، باطل الأباطيل، وكل شئ باطل تحت الشمس) وإذا لم يكن كل شئ باطلا فان الفلسفة الحقيقية قد تكون فلسفة الصراصير والقبرات التي لم تشك أبدأ في أن نور الشمس ليس جميلا، وأن الحياة ليست هبة سنية، والأرض ليست معقلا حسناً للأحياء. إن خير ما نصنعه على هذه الأرض هو إلا نستغرق في تعليل الأشياء والتحقيق فيها. وإنما نعمل على محبتها. فان سر الحياة لا يقف على العلم ولكن على الحب، وبهذا عمل رينان على تهذيب شكه وتشذيبه، وشهد على أن اكثر الأشياء ضمانا وجداً، مهما ذهب الظن، هو العلم، وهنالك فئة كبيرة ذهلت من شك رينان الذي غمرها، وكان ذلك لعمر قصير، ولكن عادت هذه الفئة إلى التأثر بمؤثرات جديدة أخرى

النقد المنفعل

(جول ليمتر) ١٨٥٣ - ١٩١٤

إن رينان قد أكمل دورة العلم قبل أن يناقشه ويحاكمه. وجول ليمتر لم يذهب إلى أبعد من ذلك. إنه أكمل دورة النقد وحده. وقد لقي في المنابر والنوادي والصحف الكبيرة نقداً له فذهب من مزاعمه انه يهذب الرأي باسم الذوق السليم والعقل. فسانت بوف - برغم عبقريته - لم يترك في النقد مدرسته، وتين لم يأخذ عنه النقد إلا دساتيره، وقد ألفى جول ليمتر أن هذا النقد عمله أن يحكم على بولدير وفلوبير وفرلين وهنري بيك وسواهم. ووجد فيه ما يبعث على السأم فشهد على أنه نقد فيه غش ومداهنة لأنه مبني على أصول ومذاهب، ولكي يتم اليقين بهذه المذاهب ينبغي أن تبدل بمذاهب غيرها. وغيرها أيضا إلى ما لا انتهاء. لأن هذه المذاهب ما بين جيل وجيل إما أن ينقض بعضها بعضا، وإما أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>