للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- الوجه الأحسن استعمالا وفائدة لنا، لأن عقلنا لا يلمح إلا هذه الناحية العملية. إذ ليس هنالك عقل أو عقل شاعر إلا حيث يمكننا أن نمسك جزءاً من الشيء الذي نفكر فيه. والعقل والفكر الشاعر ليسا بوسيلتين للمعرفة وإنما هما وسيلتنا للعمل. والعلم الذي أوجداه وشيدا أركانه ما هو إلا نظام جديد لوسائل العمل. وفن مستقيم لاستخدام الحقيقة في سبيل حاجاتنا. فهو لا يعلمنا الحقيقة ولا يكشف لنا أسرار الوجود كما هو الحال في أن الأرنب لا يكشف لنا طبيعة السرعة والخفة.

نقد العلماء

وأما العلماء أنفسهم فقد قلبوا وجوه العلم ودققوا مسائله. فانتهوا إلى القول بان العلم إنما هو مذهب ووسيلة إلى استخدام الاشياء، والعلم لن يصل أبداً إلى (المطلق) وقد عملت بعض مدارس الطبيعيين على رد علوم الطبيعة إلى مذهب رياضي صرف غايته الأرقام التي تأتي نتائجها صحيحة. وخلاصة هذا النقد توجز في أبحاث الرياضي الكبير (هنري بوانكاريه) فهو في كل ما كتبه أعطى الأدلة القاطعة على بيان فضل العلم. ودافع عن نفسه بأنه رجل شاك. وهو يرى أن التمحيص العلمي ليس عملا عبثاً. بل إنه عمل اقل عبثاً من غيره من أعمال الإنسان. وهو في الغالب يكون مذهباً مطلقاً. وكل العلوم - مثلا - هي علوم الحركة، على أن من المحال أن نثبت حركة مطلقة، وأن نبرهن - بقياس منطقي - على حركة الأرض

وهكذا نجد الفلاسفة والعلماء ينضم بعضهم إلى بعض للاتفاق على هذه الخلاصة، وهي أن هنالك حقيقة مركبة متحركة بدون انتهاء، وعقلا وعملا - من اجل إدراكها واستخدامها - على فرض بساطتها واتحاد فكرتها وقوانينها ولكنه بعمله هذا غير الثوب وأفسد الحقيقة.

الفلسفة الشاكة والنقد الشاك!

رينان في عهده الأخير

جمع رينان عام ١٨٩٠ كتابه (مستقبل العلم) وأنجز تاريخه في أصل المسيحية. وقد كان ذلك المعلم الذي يعلم (بألا تقبل الحقيقة في التاريخ الإنساني والعلوم أيضا إلا ما شهد العقل عليه مرفوقا بالأعمال على انه حقيقة) أما آثاره الأخيرة فقد جاءت تعلمه بان ليس في

<<  <  ج:
ص:  >  >>