رثاء الكاظمي، فاعربت له عن أثرها فينا وقلت: إنني عائد إلى فلسطين وأود أن أدون في مفكرتي ما يدور في هذه الزيارة من حديث! قال الزهاوي: حسن وهل اطلعت على (الأوشال)؟ كنت أظن أن عظمي رق وان زمني لن يمتد بي كثيراً فسميت مجموعة قصائدي (الأوشال) ولكنني نظمت بعدئذ بعض القصائد وهي آخر ما أنظم، وجمعتها في ديوان صغير سميته (الثمالة)، والثمالة آخر ما أنضم في هذه الدنيا التي أراني تاركها قريبا. قلت: وهل غير الثمالة للأستاذ شعر لم يطبع؟ قال: أجل إنه ديوان في. . . وأحسب أنه لن ينشر في القرن العشرين؟ قلت وما عمر الأستاذ؟ قال: أنا في السنة الثانية والسبعين بالحساب الشمسي وفوق الأربعة والسبعين بالحساب القمري!
وهنا أحس الشعر بالألم وأخذ يئن، فوجمنا، ولكنه قطع وجومنا بقوله: لكل جريح أنة، وصمت قليلا ثم قال: نظمت قصيدة لتتلى في تكريم الدكتور حسين هيكل لمناسبة تأليفه (حياة محمد)، ونادى خادمه فناوله كيساً انتزع منه القصيدة وتلاها علينا ثم أستأنف الحديث: وطالما كنت أنشر قصائدي في السياسة الأسبوعية وحدثني طالب أن مئات النسخ من السياسة كانت تباع في دار العلوم بمصر حين تنشر لي فيها قصيدة؛ وطالما احتدم الجدل وتعارك الطلاب (وتباسطوا) بسبب انقسامهم إلى فئتين: واحدة تؤثر شوقي عليّ، والأخرى تؤثرني على شوقي! قلت:
وتطرق الزهاوي في حديثه إلى بعض أدباء بغداد الذين يحاولون انتقاصه فندد بهم وحمل عليهم حملة شعواء، ثم تحدث عن صفات الشاعر التي هي في نظره استعداد ذاتي ومادة تتألف من ثقافة ولغة ثم طول ممارسة. وسألته عن خير قصائده فقال: أكو (يوجد) أكثر من أربعين قصيدة كلها (زينات)؛ خذ مثلا قصيدتي (هواي) ومطلعها: أذكرى إذ كنا صغيرين نلعب! وخذ قصيدتي في الغروب وقصيدتي في الطلوع إنهما عصريتان جديدتان، أما التصوير المؤثر الجميل ففي قصيدتي:
ومتى تخر أم لا؟ ومطلعها:
يا ابنة الهم إن عرفتك القل ... ب فلا تخرجي إلى الأبواب
إن هذه القصيدة بديعة، بديعة!
وحدثنا عن رأيه في بعض الشعراء، فإيليا أبو ماضي يحلق أحياناً في السماء عالياً ويهبط