للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عامة شاملة تستطيع أن تظهرنا على لب التصوف.

١ - ففي الباب الخامس يقدم إلينا المؤلف طائفة من التعريفات اختلفت في مبانيها واتفقت في معانيها. وهو يظهرنا من خلال هذه التعريفات على ماهية التصوف والفقر والزهد. ثم هو ينتهي من هذا كله إلى أن هناك فرقاً بين التصوف من ناحية وبين كل من الفقر والزهد من ناحية أخرى. كما أنه ينتهي إلى أن أساس التصوف وقوامه إنما هو الفقر. ولكي أكون لديك صورة صادقة لما أشتمل عليه هذا الباب لابد من أن أقف بك وقفة قصيرة تلم بها بأهم التعريفات التي عرضها علينا المؤلف لتتبين منها ماهية التصوف:

(١) قال رويم: (التصوف مبني على ثلاث خصال: التمسك بالفقر والافتقار. والتحقق بالبذل والإيثار. وترك التعرض والاختيار.)

(ب) وسئل الجنيد عن التصوف ما هو. فأجاب بقوله: (أن نكون مع الله بلا علاقة.)

(ج) وقال معروف الكرخي: (التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق. فمن لم يتحقق بالفقر لم يتحقق بالتصوف).

وبعد أن ذكر المؤلف هذه التعريفات، تراه قد قدم لنا تعريفات أخرى للفقر والفقير اليك أهمها:

(أ) سئل الشبلي عن الفقر فقال: (ألا يستغني بشيء دون الحق)

(ب) وقال أبو الحسين النوري: (نعت الفقير الكون عند العدم. والبذل والإيثار عند الوجود)

وانتهى مؤلفنا من هذه التعريفات التي قدمت، إلا أن هناك اشتباهاً بين التصوف والفقر. فأنت ترى مثلا أن أشياء بعينها تذكر في معنى التصوف يذكر مثلها في معنى الفقر. وإن أشياء بعينها يرد ذكرها في معنى الفقر يرد ذكر مثلها في معنى التصوف. ومن هناك كان الاشتباه. ومن هنا أيضاً كان لابد من التحقيق الذي يكشف الفاصل بين كل من التصوف والفقر، والفرق الذي يميز ويحدد ماهية كل من التصوف والفقر، وفوق هذا فان الاشتباه ليس قاصراً على التصوف والفقر فحسب وإنما هو قد تجاوزهما إلى التصوف والزهد. وإذن فلابد من التمحيص والتدقيق الذي يبين الفرق بين التصوف والفقر من ناحية والتصوف والزهد من ناحية أخرى. بحيث نلمس الاشتباه الذي يمكن أن يكون بين كل من هذه الأشياء الثلاثة. ونميز الفرق بينها تمييزاً يحدد كلامنا تحديداً من شأنه أن يحول بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>