والاجتماعية، وتحدثنا عن صلاته بالمعز لدين الله ومحاوراته الدينية والكلامية معه، وتعدد لنا كتبه وآثاره الأدبية والتاريخية. ويتناول سويرس في كتابه سير بطاركة الإسكندرية منذ القديس مرقص منشئ هذا الكرسي حتى البطريرك افراهام بن زرعة السرياني الذي رسم بطريركا لليعاقبة سنة ٣٦٥هـ (٩٧٥م) في أوائل عصر العزيز بالله. وقد ورد في مقدمة هذا القسم إشارة إلى وضع هذا الأثر وتأليفه نصها:(هذه السيرة جمعها واهتم بها من كل مكان الأب الجليل أنبا سويرس بن المقفع أسقف مدينة الأشمونين، ذكر أنه جمعها من دير أبو مقار ودير نهيا، وغيرهما من الديارات وما وجده في أيدي النصارى منها أجزاء مفرقة أنفق فيها أعواما طويلة حتى بلغ عمره الثمانين)
على أن هذا القسم المتداول ليس هو المقصود بالذات في هذا التعريف والتعليق، وإنما نقصد بالأخص إلى التعريف بالقسم الثاني من الأثر الكنسي، وهو الذي يشغل المجلدين الثالث والرابع من مخطوط باريس الذي نقلت عنه نسخة دار الكتب المصورة، فهذا القسم الذي لم ير الضياء بعد يحتوي على سير البطاركة المصريين منذ أوائل الدولة الفاطمية إلى سنة ٦٣٥هـ أعني إلى نهاية عصر الملك الكامل. وقد نسب هذا الأثر بجملته في فهرس مكتبة باريس الوطنية إلى سويرس بن المقفع، وهي نسبة ظاهرة الخطأ لأن سويرس توفي في أوائل عهد العزيز حوالي سنة ٣٧٠هـ، فليس من المعقول إذن أن ينسب إليه ما تضمنه الأثر الكنسي بعد هذا التاريخ: وظهر أثر هذه النسبة الخاطئة جليا فيما كتبه العلامة المستشرق سلفستر دي ساسي، عن الحاكم بأمر الله في كتابه عن الدروز، إذ ينقل كثيرا مما ورد عن عصر المستنصر بالله ولد الظاهر، منسوبا إلى سويرس بن المقفع.
وقد أتيحت لنا فرصة لبحث هذا الأثر الكنسي واستقصاء مصادره ومساق واضعيه، فانتهينا إلى هذه الحقيقة وهي أن الجزأين الثالث والرابع من المخطوط ليس لهما علاقة بمؤلف أسقف الأشمونين، بل هما أثر مستقل بذاته، ذيل بهما الأثر الأصلي لأنهما في نفس موضوعه وهو استئناف سير البطاركة من حيث وقف سويرس؛ ويسمى هذا الأثر الملحق باسم آخر هو (سير البيعة المقدسة). ولم يقم بتأليفه أو وضعه مؤلف واحد بل تعاقب في وضعه وكتابته عدة من الأحبار المتعاقبين، فتولى كتابة القسم الخاص بعصري العزيز