ونهوا عن قتل الحيوان والتغذي بلحمه والتلهي بصيده وتعذيبه وسجنه كأبي العلاء الحكيم العربي. وكل المصور الإيطالي ليوناردو دافنسي، الذي كان يبتاع الطيور الحبيسة ليطلقها ويشفي نفسه المتألمة برؤيتها تضرب أجنحتها ذاهبة إلى الفضاء؛ وظهرت آثار تلك العلاقات المختلفة بين الإنسان والحيوان في الآداب: الإغريقي وصف لمغامرات حملة الارغونوت التي خرجت لاستخلاص فراء ثمين يحميه غول فظيع، وفيه وصف لجماعة السيكلوب أو المردة ذوي العيون المفردة، وما كان بين كبيرهم وبين يوليسيز من كفاح، وفي الأدب الفرنسي قطعتان بديعتان تفيضان رحمة وجمالا. تصور إحداهما مصرع غزال والأخرى مصرع ذئب على أيدي الصيادين
والأدب العربي حافل بذكر أنواع الطير والحيوان التي عرفها العرب في باديتهم، كالجمل والحصان والأسد والقطاة والحمامة، وكان من عاداتهم أن يمنحوا بعضاً منها كنايات: فأبو قيس للقرد وأبو خالد للأسد، وكان لبعضهم أسماء في لغتهم عديدة، وبها ضربوا الأمثال فقالوا: أهدى من قطاة وأحذر من غراب وأعدى من ظليم، وسيروا الكنى فقالوا: جبان الكلب ومهذول الفصيل للجواد المضياف، واستعاروا أوصافها للإنسان فقالوا: جيد كجيد الغزال وعيون كعيون الجآذر وشبهوا خوذات المقاتلين ببيض النعام، وتشاءموا بأصوات بعض الحيوانات كالغراب والبومة، وزجروا الطير يتفاءلون بالسارح منها ويتشاءمون بالبارح، وأجروا الأمثال على ألسنتها كقصة الثيران الثلاثة المنسوبة إلى الإمام علي، وكالقصص التي أنطق فيها الحيوان أبن المقفع، والمحاورات التي نحلها إياها إخوان الصفا، واسترعت أحوال الحيوان ومسعاته انتباههم فتدبروها مليا كما في تلك الرسالة البليغة عن النمل المنسوبة إلى الإمام علي أيضاً، وفي التدبر في أحوال كثير من الطير والحيوان والهوام أفاض القرآن الكريم في شتى المواضع، ودعا الإنسان إلى التفكير فيها، وألف الجاحظ كتابه المعروف جامعاً بين العلم والأدب
وقد أطنب أدباء العربية خاصة في ذكر الإبل ووصفها في أشعارهم، ووصف سيرها وحنينها إلى أعطافها استحثاثها ومناجاتها، ولا غرو فقد كانت قوام حياة العربي في حله وترحاله، بل كان لها أثر جليل في تطور الشعر العربي ذاته، إذا صح ما قيل من أن أوزان الشعر اشتقت من مشياتها وتدفعها، وهو قول وجيه؛ وقل شأن الإبل قليلاً حين