تحضر العرب، ولكن ظلت لها أهمية عظيمة، وظلت من أهم وسائل الانتقال وحمل المتاجر برا، وحافظ أدباء العربية على تقاليد الجاهليين من الإطناب في ذكر الإبل وتقديمه بين أيدي المديح حتى استقلت الإبل بجانب عظيم من الشعر العربي، ومن خير أوصافها قول طرفة في معلقته:
وإني لأقضي الهم عند احتضاره ... بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
تباري عتاقا ناجيات واتبعت ... وظيفا وظيفا فوق هور معبد
وأطنب أدباء العربية أيضاً في ذكر الخيل ووصفها في أشعار الحماسة، وما ذاك إلا لأنهم في جاهليتهم وإسلامهم كانوا أمة جلاد وكفاح، الخيل أول عدتهم في القتال والذود عن حقيقتهم، فكان أعز مكان في الدنى لديهم ظهر سابح كما قال المتنبي، وطالت صحبتهم الخيل واطردت ملازمة الخيل لهم، فكأنما ولدت قياماً تحتهم ما قال المتنبي أيضاً، وكأنما ولدوا على صهواتها، ووصفوا مواقفهم في الحروب ومواقف جيادهم، كما فعل عنترة في معلقته، حيث يذكر كيف ازور حصانه من وقع القنا بلبانه، وكيف شكا إليه آلامه بعبرة وتحمحم، وصار لكلمة الخيل أو كلمتي الخيل والرجل مغزى خاص بالحرب، بعد أن استعملها القرآن الكريم في تلك الآية البليغة:(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، وتأنق أبو تمام والمتنبي في وصف الخيل وسماتها وأخلاقها وزحوفها، ومن بديع أوصافها في العربية قول الفرزدق في جواد أغر محجل:
فكأنما لطم الصباح جبينه ... فاقتص منه فخاض في أجشائه
وأبيات أبي تمام التي يقول منها:
وأولق تحت العجاج وإنما ... من صحة إفراط ذاك الأولق
وقول أبي الطيب في وصفه للمعركة التي دارت على ربى حصن الحدث:
إذا زلقت مشيتها ببطونها ... كما تتمشى في الصعيد الأرقم
وفاز الأسد والذئاب باهتمام أدباء العربية، وتركا في الشعر العربي أوصافاً شائقة وقصصاً ممتعا، من ذلك وصف بعض المقاتلة أمام أمير المؤمنين عثمان بن عفان طلوع أحد الليوث عليهم في جلجلة ورهبة زلزلت الأرض وخلعت قلوب الفرسان وجيادهم؛ ومنه أيضاً وصف الفرزدق الأطلس العسال الذي رأى ناره موهنا فأتاه، فقاسمه عشاءه، حتى امتلأ