للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يسند الخطأ إلى نفسه لأنبل ممن يعلنون في كل آن أن الحق في جانبهم، وأخص من هؤلاء من كانوا حقيقة على صواب. إن أغنياء الروح لا يفعلون هذا.

أنني أكره عدالتكم الباردة، فان في عيون قضاتكم ازورار الجلاد ولمعان سيفه. فأين العدالة تلمح في عينيها الصفاء. أوجدوا لي الحب الذي لا يكتفي بحمل كل أنواع العقاب، بل يحمل أيضا جميع الخطايا.

أوجدوا لي العدل الذي يبرئ الجميع ليحكم على الإنسان الذي يدين.

أتريدون أن أذهب إلى أبعد مما قلت فأعلن لكم أن الكذب نفسه يصبح محبة للإنسانية في نفس من يتوق إلى إقامة العدل.

ولكن هل بوسعي أن أقيم العدل بكل إخلاص. وكيف يمكنني أن أتوصل إلى إعطاء كل ذي حق حقه. أذن، لاكتفين بأن أعطي أصحاب الحق حقي الخاص.

وأخيراً، حاذروا ظلم المنفرد، إذ ليس بوسعه أن ينسى وأن يبادل الظالمين ظلما، وما المنفرد إلا بئر عميقة يسهل على من يشاء أن يلقي فيه حجراً. ولكن من يقدر أن يستخرج هذا الحجر إذا بلغ قعر البئر السحيق؟

احترسوا من إهانة الفرد، وإذا أنتم حقرتموه فأجهزوا عليه بقتله.

هكذا تكلم زارا. . .

الفصل الثاني

الطفل حامل المرآة

ورجع زارا إلى الجبال، إلى عزلة كهفه ليحتجب عن الناس كالزراع ألقى بذوره في أثلام أرضه وبات يتوقع نبتها، ولكنه ما لبث أن حنْت جوارحه إلى أحبابه إذ كان عليه أن يمنحهم بعد كثيرا من الهبات وأصعب ما يلقى الحب اضطراره إلى قبض يده إجابة لداعي محبته وتفاديا للمنة في عطائه.

ومرت على المنفرد الشهور والأعوام وحكمته تزداد نموا فتزيده ألما باتساع آفاقها.

وأفاق يوماً (من نومه قبل انفلاق الفجر واستغرق في تفكيره وهو ممدد على فراشه وتساءل قائلا:

<<  <  ج:
ص:  >  >>