للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- لماذا أرعبني هذا الحلم الذي استفقت منه مذعوراً؟ رأيت كأن ولدا (يحمل مرآة) اقترب مني وهو يقول:

- أنظر في هذه المرآة يا زارا

وما نظرت إلى المرآة حتى صرخت وخفق قلبي خفوقا (شديدا). لأن ما أنعكس لي في المرآة لم يكن وجهي بل وجها تقطبت أساريره بضحكة شيطان ساخر

والحق ما يفوتني تعبير هذا الحلم وإدراك ما نبهت إليه فان تعاليمي مشرفة على خطر، والزوان يريد أن ينتحل صفات الحنطة. لقد استأسد أعدائي فشوهوا تعاليمي حتى أصبح أتباعي يخجلون مما وهبتهم.

لقد فقدت صحبي وآن لي أن أفتش عمن فقدت

وانتفض زارا لا كمن استولى الذعر عليه بل كمأخوذ برؤى وكشاعر هزه شيطانه. فوجم نسره وأفعاه وحدقا بوجهه وقد لاحت بوادر السعادة عليه كتباشير الفجر. فقال لهما:

- ماذا حدث لي؟ أفما تريان إنني تغيرت؟ أفما تحسان أن الغبطة قد نزلت عليَّ كأنها عصفات الرياح؟

لقد جنَّ شعوري بهذه السعادة فلن يسلم بياني من اختلال هذا الشعور، إن سعادتي لم تزل في حداثتها فتذرعا بالصبر معي عليها

لقد أوجعتني سعادتي فليكن سعادتي كل من أرهقتهم الأوجاع

إن في وسعي الآن أن أنحدر إلى مقر صحبي والى مقر أعدائي فقد أصبح زارا قادراً على استطراد القول والإحسان إلى من يحب

لقد آن لحبي أن يتدفق كالذي يندفع من الأعالي إلى الأعماق، ويتجه من الشرق إلى المغرب.

إن نفسي تندفع مرغية مزبدة في الوديان متملصة من الجبال الصامتة تصخب فوقها عواصف الآلام. ولطالما تعللت بالصبر وعلقت أبصاري على بعيد الآفاق، لقد أرهقتني العزلة فما أطيق السكوت بعد

أصبحت وكأنني باجمعي فمٌ أو هدير جدول يتحدر من شامخات الصخور. أريد أن أقذف بكلماتي إلى الأغوار. فيجري نهر حبي في المفاوز البعيدة، ولن يضل هذا النهر سبيله إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>