وكان الآمر بأحكام الله شاعراً مجيداً، وله نظم قوي مؤثر فمن نظمه قوله:
دع اللوم عني لست مني بموثق ... فلابد لي من صدمة المتحقق
وأسقي جيادي من فرات ودجلة ... وأجمع شمل الدين بعد التفرق
تلك هي قصة الآمر بأحكام الله مع حبيبته العالية، وهي قصة تجمع بين حقائق التاريخ ومتاع القصة؛ ولا ريب أن الرواية قد أسبغت عليها حواشي وألواناً خلابة مصدرها الخيال الشائق، بيد أنها تحتفظ مع ذلك بطابعها التاريخي. ولقد عرج كثير من كتاب المسرح عندنا على بعض الوقائع والمآسي التاريخية واتخذوها موضوعاً لمسرحياتهم، بيد أنها قلما تتمتع بذلك الطابع الروائي الخلاب الذي تتمتع به قصة الآمر بأحكام الله مع حبيبته العالية، ألم يقف أحدهم بتلك القصة الفاطمية الشائقة التي وقعت بمصر في ظل خلافة تنثر من حولها آيات الفخامة والبذخ الرائع؟ إن صحف التاريخ الإسلامي تقدم إلينا كثيراً من هذا القصص الرقيق المؤثر، فهلا فكر كتاب المسرح في ورود هذا المنهل الغزير والاقتباس من طرائفه؛ وإن المسرح المصري ليبدو أروع وأبدع، وأوفر سحراً وفتنة إذا استطاع كتابنا أن يتحفوه ببعض هذه المناظر القومية الشائقة التي تبد في ألوانها، وفي روعتها وبهائها كثيراً مما ينقلون إلينا من تراث المسرح الغربي