مجهوداً علمياً شاقاً إذ أن هذه الكلمات التي تختلف باختلاف اللغات تدل في كثير من الأحيان على اضطراب علمي وانقسام في الرأي بين المدارس المختلفة. وقد رأينا مجمع اللغة العربية يختصر طريقه في ذلك فاعتمد في ترجمته على الكلمات الإنجليزية - ومنها ما بطل استعماله - كما لو لم تكن هناك حركات علمية في غير إنجلترا
أما قول الكاتب الفاضل إنه يذهب (إلى أن من الواجب ألا تجيز وزارة المعارف كتاباً ليدرس في المدارس وعلى الأخص كتب العلم، من غير أن يجيزه المجمع من حيث اللغة ومن حيث المصطلحات فليس فيه قلب للأوضاع فحسب، بل هو مؤد إذا أخذ بمثل هذا الرأي الذي يفوح برجعية القرون الوسطى - وليعذرني الكاتب الفاضل فقد جاوز قوله هذا كل حد - إلى حالة من الركود والشلل، فسيقفل باب الاجتهاد في وجه العلماء الذين يعرفون مادتهم دون غيرهم أو على الأقل خيراً من غيرهم، وسيرى كل مؤلف نفسه مقيداً بأوضاع من التعبير جامدة هي ما شرع المجمع، عليه أن يصب مادته فيها إذا أراد أن ينال حظوة محكمة المجمع مهما كان في ذلك تشويه لفكره
وبعد هذا نعجب كيف يتقدم القوم في أوربا بخطى المارد في سبيل الثقافة والمدنية بينما نحن نتخبط، نتقدم خطوة ونرجع القهقرى خطوات! كلا يا سيدي، ما بهذا يمكن إحياء اللغة والعناية بصفائها، وليس يجيز لك حرصك على ألا تقتل الأعجمية المزعومة ما سميته بأدب العلم أن تلوح بهذه القيود الرجعية، بل أنا زعم أن جريمة القتل هي أن تشرع مثل هذه القيود، وجريمة القتل أن تستبعد لغة العلم من مصر ويستبدل بها ألفاظ لا خير فيها. لست أجهل أن الحرية المطلقة هي نوع من الفوضى ولكني موقن من جهة أخرى أن البقاء للصالح؛ فكل مؤلف وكل وضع من أوضاع التعبير الجديد يحمل في طياته الحكم عليه بالبقاء أو الزوال
فإذا كان الأديب الفاضل إسماعيل مظهر يرى أن المشتغلين بالعلم في مصر غير قادرين على الاجتهاد، لا يصلحون للتأليف، ومهما يكن من حقيقة حكمه هذا، فإن ذلك لا يخول لمجمع اللغة أن ينسى تلك الحقيقة الأولية التي أشرت إليها آنفاً والتي عبر عنها بعض الناس بأن العلم مجموعة من مصطلحات خاصة أشبه بالرموز تكون لغة مستقلة قائمة بذاتها إذا تفهمتها فقد تفهمت العلم. حسن أن يبدو من مجمع اللغة حرصه على تقدمك العلم