اللغات الحية لأنه لم يقل أحد أن هذه المصطلحات لها شأن ما بلغة من اللغات.
وأخيراً فأنا لا أجهل أن لغة العلم لم تصل بعد إلى الوحدة المنشودة لها من العلماء فمازال كثير من المصطلحات يختلف باختلاف اللغات، ولكن أغلب المصطلحات التي من هذا النوع والمستعارة من اللغات الحية رأساً قديم قليل التوفيق يترجم إما عن حركة علمية موضعية وإما عن اختلاف في الرأي العلمي نفسه أو على الأقل عن وجهة نظر مختلفة؛ فهذا شلل الطفولة الفقري يدعى حياناً (تفروميليت) وأحياناً (بوليوميليت) وأحياناً أخرى (مرض هاين مدن) الخ. على أن هناك مجهوداً متصلاً في استبعاد هذه الألفاظ (الأعجمية) عن لغة العلم، ومن أجل هذا تنعقد المؤتمرات الدولية بين العلماء المختصين من البلاد المختلفة؛ وفي هذه المؤتمرات - وفيها وحدها لا في مجامع اللغة - يقترح اصطلاح جديد دولي يحل محل المصطلحات المتعددة بتعدد اللغات، ولا يخفى أن نجاح هذه المصطلحات الجديد متوقف على التقدم العلمي الذي يوحد بين الآراء؛ فهذا هو مؤتمر الكيمياء العضوية قد أقر مثلاً لفظة (جلوسيد) لتحل محل هدرات الكربون ومرادفاتها: المواد النشوية والمواد السكرية، وذلك بعد أن تبين أن جميع هذه المصطلحات التي كانت تختلف باختلاف اللغة قليلة التوفيق بل تعبر عن خطأ علمي، وبالمثل في (ليبيد) التي حلت محل الإنجليزية والفرنسية، ثم (بروتيد) التي حلت محل المواد الزلالية وزميلتها المواد البروتينية الخ. وهكذا فقد أصبحت لغة الكيمياء موحدة في جميع بلاد العالم. وقد تم مثل ذلك التوحيد في لغة العلم في كثير من فروع التاريخ الطبيعي. ثم هذه هي المؤتمرات الدولية يعقدها الفلاسفة وعلماء وظائف الأعضاء لهذا الغرض. ثم المعاجم الدولية في فروع الطب يشترك في تحريرها علماء من البلاد المختلفة للتقريب بين المصطلحات تمهيداً لتوحيدها.
والآن إذا كانت الحاجة ماسة، والرغبة تفي ترجمة الكتب العلمية الأجنبية إلى اللغة العربية ملحة، فلا بأس من ترجمة الألفاظ التي لا زالت تختلف باختلاف اللغات. ولنضرب مثلاً لذلك بالجهاز الذي يحول الشعاع الضوئي إلى تيار كهربائي والمسمى بالفرنسية - وبالإنجليزية - وبالألمانية فأنت ترى أن الكلمة التي تختلف هي , , فيمكننا أن نقول في مصر خلية فوتو ألكتريك؛ ولكن حتى ترجمة مثل هذه الكلمة ليس من شأن مجمع اللغة بل هذا من شأن المشتغلين بالعلم. ولست في ذلك متعنتاً لأن هذه الترجمة تتطلب