للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كاتب هذه السطور قد التقى بالأستاذ فيشر في مدينة فينا في مؤتمر المستشرقين في سنة ١٩٣٠ فعرض عليه أن يتم مراجعة بقية الأجزاء من كتاب المغازي للواقدي، فلما سمع فيشر اقتراحه بدا اضطراب على وجهه وسكت طويلا كأنه لم يتمكن من أن يبوح بكلمة، ثم أجاب بعد تفكير طويل: أمهلني حتى أفكر ملياً في هل أكمل الكتاب أم أقدمه إليك مع جميع المخطوطات والصفحات التي بدأت بمراجعتها. . . فلما قصصت حكاية المقابلة مع فيشر للأستاذ يرجستريسر ابتسم ابتسامته الحلوة قال: فيشر لن يرسل إليك الصفحات التي راجعها أبداً كما لن يخبر أنه عزم على أن لا يتم الكتاب. . .

على أن فيشر كان قد درب في جامعة ليبزيج تحت أشرافه عددا لا يستهان به من العلماء حتى أصبحوا من فحول المستشرقين فيما بعد، وكان بينهم الأستاذ جوتهلف برجستريسر.

وبعد أن أتم برجستريسر دراسته الجامعية وقدم رسالة عن حروف النفي وأسماء الاستفهام في القرآن الكريم في سنة ١٩١١ قام برحلة إلى الأقطار الشرقية في سنة ١٩١٣ فزار الأناضول وسورية وفلسطين ومصر وما كاد يصل إلى ألمانيا من هذه الرحلة المباركة حتى بدأت الحرب العظمى فدعي إلى ساحة القتال، وظل متنقلا مع الجيش الألماني في أرض بلجيكا وفرنسا إلى أن دعته الحكومة التركية في سنة ١٩١٥ لإلقاء محاضرات في جامعة الأستانة، وكان أول عهده يلقب أستاذ، وقد بلغ حينئذ العام الثلاثين من حياته، ولما ذاع صيته دعي لإلقاء محاضرات في جامعات ألمانيا في العلوم الإسلامية واللغات السامية كانت أولها جامعة كونسبرج في سنة ١٩١٩ وفي عام ١٩٢٢ انتقل إلى جامعة برسلو ومنها إلى جامعة هيدلبرج في سنة ١٩٢٤ ثم دعي إلى مدينة ميونيخ، سنة ١٩٢٦ التي ظل يدرس بها إلى أن أدركته المنية.

تنقسم مؤلفات برجستريسر إلى أربعة أنواع أصلية، نوع يشتمل كتبه عن اللغة العربية وعلم اللغات السامية، ونوع آخر يبحث في الآرامية ولهجاتها، ونوع ثالث يحتوي على مصنفاته ومطبوعاته في الآداب العربية والعلوم الاسلامية، وأما النوع الرابع فيشمل مقالاته عن علوم اللغة التركية.

على العموم تمتاز كتابة برجستريسر بدقة الجمل القليلة في ألفاظها، الكثيرة في معناها، يعبر عما يجول في خاطره بعد تفكير طويل، وبعد إحاطة بالموضوع من جميع نواحيه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>