الوفاء. . . ومتاحف العالم اليوم طافحة بدمى الحفارين. كما أن قصص الشعراء زاخرة بأخبار الحب والغرام. وفي اعتقادي أن الشاعر في صفحاته، والحفار في دماه، إنما كانت بغيتهما تخليد العهود!!
ولكن هل في الحياة حب مغموس بالوفاء، وغرام منحوت من العهود؟ أم هما موجودان فحسب في أحلام الشعراء ودمى الحفارين؟ من يدري. . . وكل ما أعمله هو شاذ عن أفهام الناس وعن أذواقهم
أنا لا أريد أن أبحث عن صحة تلك الأحلام وعن خطأها، ولا أبتغي البحث عن جمال تلك الدمى وعن عللها؛ وإنما أريد أن أتحدث عما فيها من حب وغرام. وهما أقرب إلى العهود منهما إلى شيء آخر
فلقد قرأت في الكتاب الشعري الأنيق - تهاليل الفجر - الذي أخرجه الكاتب المجدد (بيير لويس) موضوعاً شيقاً عن رسائل الراقصة الروسية الساحرة - إيذادورا دونكان - التي كانت ترسلها إلى حبيبها التعس (إيفان بارشوف) عندما بلغها خبر مرضه وأنه يلهج باسمها فوق سرير آلامه. وإني لمورد في ما يلي هاتين الرسالتين المشبعتين بغرام الراقصة الجميلة وحبها المفعم بالوفاء
- ١ -
أيها الحبيب!
إن زهرة مخدعي التي أبقيت على أوراقها ذكراً يهولني مرآها الشاحب الحزين. . . والسراج الأحمر الذي كنت ألمح في نظراته بهجة وإغراء فيما مضى يروعني الآن منه نوره الواجم الضئيل. . . والبلبل الغريد الذي كان ينبّهني إلى اجتناء اللذات يشجوني نفوره المبهم، وصمته العميق!!
إن روحي تريد أن تستهدي إلى قرارها في ليل شوقها وحنينها فيصدها العذاب. . . عذاب فراقك الطويل الذي أورثني ملة خرساء كسكينة القبور
لقد علمت أنك تقاسي من أجلي آلاماً مبرحة. . . فهل عرفت أيها الحبيب أن في قلبي المعذب شجواً محنظلاً أمر من الموت؟