كلام الخليفة الثاني الكريم، وجرت على ذلك السيرة في عصور الإسلام جمعاء، فلتبق هذه السيرة مستمرة ولا ضير، ولا نريد أن نبدع بدعاً في هذا، أما ذكرى الهجرة نفسها، الذكرى التي هي لا غير مبعث تقديس المسلمين لرأس السنة الهجرية، وهي التي يحتفلون بها، ويجعلون يومها عيداً كريماً مباركاً - أقول: أما هذه الذكرى نفسها، فليس من غضاضة في أن يكون الاحتفال بها، وأن يكون عيدها الميمون في يومها الذي وقعت فيه الهجرة النبوية الشريفة على التحقيق، في يومها التاريخي الصحيح حيث يكون عيداً للمسلمين كافة: يشتركون بأفراحه، ويتبادلون مظاهر السرور، ومجالي الاغتباط. وإذا ما جاء شهر المحرم - من بعد - اشتركوا جميعاً كذلك في مشاعر الألم، وهواجس الحزن للمأساة الإسلامية الرائعة التي تمثلت في طف كربلاء، وكرموا نبيهم صلى الله عليه وسلم بالتأسي به إذ جاء في الأسانيد الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان يستشعر الحزن في هذا الشهر: شهر المحرم، فنكون بذلك قد وضعنا حجر الزاوية في بناء الوحدة الإسلامية المرجوة، ولا نكون قد فرطنا في شيء من ما جريات التاريخ، ولا نقضنا شعيرة من شعائر السلف أو حرمة من حرمات الإسلام.