للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أيها الحماة الأبرار! لقد أدرتموها على المسلمين حرباً طاحنة في المشرق والمغرب، وغزوتموهم بالسلاح والفتنة والفرية، وكدتم لهم في السر والعلانية، واستبحتم فيهم كل منكر، حتى إذا ظننتم أنهم هانوا وذلوا، ويئسوا وملوا قلتم: هلم أيها الضعفاء، فنحن الحماة الأقوياء!

أيها الحماة: شد ما قسوتم على المسلمين! ثم شد ما رفقتم بهم! أيها الحماة: لقد تعلمون أن بضعة آلاف من بني الإسلام ثبتوا لكم وسخروا بقواكم وفنونكم وأساطيلكم وجيوشكم وطياراتكم أكثر من عشرين عاماً ولم يكن سلاحهم إلا عزة الإسلام ومجد العرب.

سلاحهم عزيمة الجهاد

وقوتهم ما سلبوا الأعادي

يصابرون الأكبد الصوادي

ويأكلون الجوع في البوادي

قد يئسوا يأساً من الأمداد

إلا ثبات القلب في الجلاد

ونصرة الرحمن للعباد

أبت لهم كرامة الإسلام

أي إباء العرب الكرام

أن يسلموا الأوطان دون الهام

منيتهم مشارع الحمام

فلما تكسر في أيديهم كل سلاح، وأعوزهم كل قوت، وضاق على عزائهم كل مجال، خرجوا من ديارهم أنفة أن يروا الصغار في الديار، وإباء أن تجمعهم والمذلة أرض؛ وهم اليوم مشردون في الأقطار، قد نالت الخطوب من أموالهم وجموعهم ونعيمهم ودعتهم ولم تنل من أنفسهم، فكل منهم علم جهاد، وصحيفة فخار، وسجل مآثر، وشهادة ناطقة بما تتجاهلون من العزة الإسلامية، والأنفة العربية. ألا إن الإسلام لم تنته دعوته، لم تضعف كلمته، وسيبقى كلمة الله في الأرض، ودعوته إلى الحق، وحجة على الخلق، في أمره بالأخوة والحرية، والعمل في الحياة على أقوم السنن، إلى أكرم الغايات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>