أما الذوق الذي لم يشبع منه الشرق فهو الذوق الذي يحس الصغائر لأنه يحس كل شيء، لا لأنه على الصغائر موقوف، وفي الصغائر محبوس ومقصور
وهو الذوق الذي ينفذ من (البوتقة) لأنه جوهر حميم، ولا يفرق من وهج النار كما يفرق الزيف والغشاء المصبوغ
الذي نريده كثير جداً من الضحك الذي معناه الإقبال على الدنيا والاضطلاع بالأعباء والقدرة على التبعات
وقليل جداً من الوقار الذي معناه التهيب والرياء واتخاذ المظاهر درعاً يستر ما وراءه من ضعف وهزيمة وعجز عن الكفاح
الضحك ملء الصدور والحناجر خير من الوقار ملء اللحى والتجاعيد؛ والضحك الرنان كأنه موسيقى النصر في ميدان الكفاح خير من الوقار المحجم كأنه مخبأ الهارب من الميدان، وراء غبار الهزيمة وغشاء الدخان.
الذي نريده كثيرا جداً من الحرية التي تعرف الحدود، وقليل جداً من الحدود التي لا تعرف الحرية. فليس من مقياس لحق الحرية أصح وأحكم من قدرة النفس على احتمالها بغير رقيب ولا موجه ولا حسيب
إن الحرية التي يتبعها الرقيب هي منحة من ذلك الرقيب واستعباد فيه السيد وفيه المسود
أما الحرية التي تعرف حدودها فهي حق لصاحبها لا يعطيه أحد ولا يسلبه أحد، لأن الحر الذي يعرف كيف يلتزم الحدود يعرف ولا ريب كيف يحمي الحدود
الذي نريده بين القديم والجديد أن نمتلئ بالحياة، فإذا بالتعبير الصالح الجميل ينبثق من تلك الحياة
فليس القديم بضائرنا إذا حيينا وشعرنا وعمدنا بعد ذلك إلى التعبير
وليس الجديد بنافعنا إذا عبرنا محدثين، ونحن غير أحياء وغير شاعرين
ليست آفتنا أننا نعيش كما يعيش القدماء، بل آفتنا أننا نندب القدماء ليعيشوا بديلا منا!
وليست آفتنا قلة الشعر الجديد، بل قلة الشعور الجديد
وليست آفتنا أن القصة قليلة عندنا، بل آفتنا أن القليل هو الحياة التي تستحق أن تكون قصة، و (الواعية) التي تستوعب تلك الحياة