للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في الدابة ثم نقل إلى العبد، ونقله عقيل إلى نوح عليه السلام، وهذا من عنجهيته وتعنته في جاهليته

ولعقيل شعر يؤثر لفصاحته وبلاغته: من ذلك قوله يرثي ابنه علّفة:

لتمش المنايا حيث شئن فإنها ... مُحلّلة بعد الفتى ابن عقيل

فتى كان مولاه يحل بنجوة ... فحلَّ الموالي بعده بسبيل

يقول: إن حلفاء علفة أو جيرانه كانوا في حياته ينزلون في مرتفع من الأرض حيث هم مكرمون أو حيث تضيء نيرانهم للمدلجين بما يجود به عليهم علفة من القرى، أما اليوم وقد مات علفة فنزولهم أصبح في قوارع الطرق حيث يمتهنون أو حيث يتكففون الناس طالبين صدقتهم كعامة أبناء السبيل. ونسب إليه بعضهم البيت المشهور:

أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني

وإنه قاله في ابنه عميس والصحيح أن هذا البيت من أبيات لغيره، فلعله استشهد به كما استشهد به علي بن أبي طالب رضي الله عنه فنسب إليه أيضاً.

أما النص الذي روي من أخبار عقيل وفيه اضطراب وتلفيق من جهة، وعبرة اجتماعية إسلامية من جهة ثانية - فهو ما في كتاب (طبقات الشعراء) لابن سلام (صفحة ٢١٤) ونصه:

(حدثني أبو عبيدة أن يزيد عبد الملك خطب إلى عقيل ابن علفة ابنته وقال: زوجني فلست بواجد في قومي مثلي. قال عقيل: بلى والله لأجدن في قومك مثلك وما أنت بواجد في قومي مثلي. فحبسه يزيد فضرب عقيل كتف ابنه جثامة وقال زوجه يا بني فأنت أحق باللائمة، فزوجه أم عمرو ابنة عقيل، فلما أهداها تمثل جثامة فقال:

أيعذر لاهينا ويلحين في الصبي ... وهل هن والفتيان إلا شقائق

فرماه عقيل بسهم وقال: أتتمثل بهذا عند بناتي؟ فخرج جثامة مراغماً لأبيه (أي مفارقاً له على رغم منه وكراهة) فأنى يزيد ابن عبد الملك فكتب عقيل إلى يزيد: إنه قد أتاك أعق خلق الله. وكان يزيد قد أعطاه وحباه. فأخذ ذلك منه وحبسه) انتهى نص ابن سلام.

لكن الخبر من عند قوله (فلما أهداها تمثل جثامة الخ لا يلتحم مع ما قبله إذ لا علاقة بتمثل جثامة بهذا الشعر: أيعذر لا هينا الخ مع تزويج عقيل ابنته من الخليفة. فلم يبق إلا أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>