رازحٌ تحتِ عبئهِ لاهث الصد ... ر، وللظهر كالمسِنَّ انحناء
حطَّ عن منكبيْه وهو يجيل ال ... طّرفَ: أين الخراف، أينَ الظباء!
نظرَ الطفل حوله، فإذا الأر ... ض خلاء من الأضاحي قَواء
وتحرَّى فلم يجد حوله الذبحَ ... ولا هزَّ مسمعيه ثغاء
فرنا ثائرَ الشكوك، وفي عْي ... نيه شوق للسرَّ واستقصاء
وأبوه يحار في فمه النط ... ق، وفي الرزء تبكم البلغاء
شدَّ من حزنه على قلبه الوا ... هي، وعشّتْ عيونه الضرّاء
وتهاوت دموعه مثل ما رفَّ ... ت على زنبق الربى الأنداء
ربَّ رحماك! ما يقول؟ وما يف ... شي؟ وكيف المقال والإفشاء؟
هبْه يا رب من لدنك بياناً ... فلقد يعقد اللسانَ البلاء!
قالَ يا نورَ مُقلتيَّ ويا من ... هو عيشي وسلوتي والرجاء
يا وحيدي! يا مائلي! يا سراجي ... ما تدَجَّتْ همومي الكدراء
طال ما قد كتمتُ عنك من السر ... م وقد شاق سمعك الإصغاء
يا رجائي! ماذا أقولُ؟ وهل للنُّ ... طق في زحمة الدموع غَناء؟
كلما همَّ بالكلام لساني ... أيْبَستْه المصيبة السوْداء!
أترى أنتَ إن ذكرتُ لك الأمْ ... رَ مطيعي أم غاضبٌ أبّاء؟
جاءني الوَحْي في المنام بأمرٍ ... ليس فيه دفْعُ ولا إرجاء
قال لي: اذبح غداً وحيدَك، يا للْ - هَوْل تنزو لذكْره الأحناء
يا بنيَّ! انظرْ ما تراهُ، ولا تأ ... خذُك بي غضْبةٌ ولا استهزاء
ليت شعري! أذاك أمرُ إلهي ... أم تُرى تلكَ لوثتي الحمقاء؟)
فاقْشَعَّر الفتى كما انتفضتْ في ... خَطرة الرِّيح وردةٌ حسناء
وسَرَت رهبةُ الرَّدى في مُحيا ... هُ، ورفّت غمامةٌ صفراء
ودَّ لو يكتمُ الأسى عن أبيهِ، ... كيف يخفى عن العيون الداء؟
رعدةُ الموت ما تخلّصَ منها ... فقراءٌ قضوا ولا أُمراء
إنما الموتُ حيثما حلَّ في الكو ... خِ وفي القصر غُمّة وبلاء